يسيطر الجمود على الساحة اللبنانية في ظل الفراغ الرئاسي وشلل عمل مجلس النواب إضافة الى الحكومة التي باتت تطرح علامات إستفهام حول "ميثاقيتها" في ظل استقالة وزراء الكتائب واعتكاف وزراء "التيار الوطني الحر"، إلا أن لقاء النائب عن كتلة "الوفاء للمقاومة" ​علي فياض​ بنائب "​القوات اللبنانية​" ​شانت جنجنيان​ جاء ليخرق هذا الجمود حتى لو أن الطرفين رفضا إعطاء العشاء الذي جمعهما بعداً أكثر من كونه مجرد عشاء بين زميلين، مطلقين بذلك العناء للتساؤلات حول ما يحضّر في الكواليس السياسية هذه الأيام.

من يراقب الأحداث في الماضي جيداً يدرك أن ورقة إعلان النوايا بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" بدأت بلقاءات سرية جمعت نائب المتن ابراهيم كنعان برئيس جهاز الاعلام والتواصل في "القوات اللبنانية" ملحم رياشي وهي لم تثمر الا بعد مضي أكثر من سنة ونصف من الاجتماعات بين طرفين يؤكّد كلّ منهما أن الصداقة بين كنعان ورياشي هي التي ساهمت فيها، فهل يشبه مشهد العشاء هذا ذاك الذي حصل يومها؟!

"منذ لقاء رئيس تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون برئيس "القوات" سمير جعجع والأخير يطلب من عون تعبيد طريقه نحو الضاحية الجنوبية تمهيداً لفتح حوار مع حزب الله". هذا ما تشير اليه الكاتبة والمحللة السياسية ​سكارليت حداد​ عبر "النشرة"، لافتة الى أن "هذا المطلب لاقى رفضاً شديداً من "حزب الله" يومها. حداد توضح أن "لا معلومات موثوقة حول أبعاد هذا اللقاء ولكن من يراقب المشهد السياسي يدرك أن نواب "حزب الله" و"القوات" ملتزمون بمرجعياتهم، من هنا يصعب أن يكون اللقاء قد حصل صدفة أو دون موافقة قياداتهم خصوصاً وأن كل الكتل منفتحة على بعضها باستثناء هاتين الكتلتين". أما الكاتبة والمحللة السياسية ​روزانا بو منصف​ لا تملك نفس الرؤية للمشهد إذ تعتبر أنه "لا يجب اعطاء هذا اللقاء أبعادا كثيرة، فهو عشاء بين نائبين وكلّ الكلام عن فتح حوار بين "حزب الله" و"القوات اللبنانية" عبره هو تضخيم"، وتقول: "بالمختصر حُمّل هذا اللقاء أكثر مما يحتمل"، مضيفة: "لو كان يهدف الى فتح حوار أو قنوات اتصال بين "حزب الله" و"القوات اللبنانية" فلن يكون بهذه الطريقة خصوصاً وأن نواب الكتلتين يلتقون في مجلس النواب على سبيل المثال ويمكن حينها أن تحدث هذه المسألة"، مشيرةً الى أن "لا قطيعة أساساً بينهما وقد التقيا مؤخراً حين كان وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت في لبنان".

ترى سكارليت حداد أن "حزب الله" شديد الحرص على ايصال عون الى الرئاسة"، وتشدد في نفس الوقت على ان "هذا اللقاء الذي يحمل ابعاداً اخرى قد يكون بداية حوار بين "حزب الله" و"القوات" والعنوان الأساسي "كيفية ايصال رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الى بعبدا"، إذ تعتبر أن "القوات تنادي بوصول عون ولكنها لا تفعل شيئاً لتحقيق هذا الهدف وهنا ربما قد يكون "حزب الله" فتح هذا الباب لإيجاد حلحلة لهذه المسألة". بالمقابل تشير بو منصف الى أنه "لا يمنع أن يكون هناك في المستقبل أي شيء يبنى عليه للحديث عن حوار بين "حزب الله" و"القوات اللبنانية" ولكن العشاء وحده ليس كافياً ولكن يجب إنتظار مؤشرات أخرى للبناء على مثل هذا الكلام".

في المحصلة التقى نائبا القوات وحزب الله شانت جنجنيان وعلي فياض واكتفيا بحصر المسألة بعشاء بين زميلين، ليبقى السؤال: هل انتقل "حزب الله" من مرحلة المطالبة بعون رئيسا الى مرحلة البحث الجدي عن مخرج لانتخابه؟!