تشكّل زراعة الزعتر في الجنوب ذهباً أخضر للجنوبيين الذين يعتمدون عليها كمورد رزق، وهو لا يحتاج إلى جهود مضنية أو تعب كبير، بل إلى رعاية وعناية وريّ مرّة في الأسبوع، علمًا أنّ دونم الأرضي يعطي مردوداً يصل إلى 3 آلاف دولار في السنة. ويُقطَف الزعتر في فترتين، الأولى في الربيع (آذار) لبيعه في الأسواق للأكل، والثانية في الصيف (تموز) للمؤونة، ويصل سعر الكيلو إلى 40 ألف ليرة.

ونتيجة عدم تصدير الكميات المنتجة الكبيرة الى الاسواق الخارجية في سوريا والاردن كما جرت العادة في السنوات الماضية بسبب اقفال المعابر، فان الجنوبيين لجأوا مؤخرا الى تقطير الزعتر عبر "الكركة" وبيعه محليًا ليُستخدم في تصنيع الادوية العلاجية وكعلاج لبعض الامراض وفي تصنيع الحلويات واعداد المأكولات الريفية والمنزلية ومنها المعجنات.

وأوضحت مصادر زراعية لـ"النشرة" أنّ ارتفاع سعر كيلو الزعتر هذا العام مردّه إلى غياب المنافسة للانتاج الجنوب، نظراً لعدم إدخال الزعتر الحلبي كما في السابق من الأردن، وأيضاً لجودة المنتح جنوباً، علمًا أنّ زراعته تتركّز اليوم في الزوطرين الشرقية (50 دونماً) والغربية (30 دونماً)، وفي صير الغربية، وفي بلدات يحمر وقعقعية الجسر وكفرصية، وكذلك في بلدات جنوب الليطاني التي تتوفر فيها ينابيع المياه.

وقد لجأ بعض المزارعين مؤخراً لزراعة الزعتر في الخيم البلاستيكية، ومن هؤلاء أبو قاسم نعمة في زوطر الشرقية، وهو يقوم بنفسه بكلّ المراحل التي تتطلبها هذه الزراعة من القطاف والطحن والتخزين وفصل القش عن الورقة، ثمّ الغربلة على مرحلتين ليصبح ناعماً وجاهزاً للبيع.

ويلفت نعمة، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنّه ينتج 12 طناً سنوياً من الزعتر الخام بدون تصنيع، ويقوم ببيع الكيلو بـ20 ألف ليرة كسعر جملة، و40 ألف ليرة بالمفرّق بعد خلطه بالسمسم والسماق، علماً أنّه يؤكد أنّه لا يزرع إلا النبتة الجيدة منذ عشر سنوات. وتُعتبر زراعة الزعتر زراعة مساعدة بالنسبة لنعمة إلى جانب زراعة التبغ، ولكنّها غير متعبة مثلها، كما يقول، موضحاً أنّها لا تحتاج إلى حراثة الارض او السماد او البذار أو تغيير النبتة التي تنمو من سنة إلى أخرى حسب العناية والري.

من جهته، يطالب شوقي ناصر في يحمر بتعميم هذه الزراعة لأنّها منتجة، ويشير إلى أنّه حصل بعد عدوان تموز 2006 على شتلات الزعتر من الأمم المتحدة وعلى خزانات الري من منظمة إيطالية كدعم له بسبب تضرر مزروعاته، وهو ما زال يحافظ على هذه الزيارة حتى اليوم، علمًا انّه لا يملك سوى دونم واحد، ما يضطره مع اولاده الى الانتشار في مثل هذه الايام في اودية البلدة وقطف الزعتر من البرية فهو ذات نكهة وجودة وميزة ومن ثم يقوم بدقه وغربلته وطحنه وخلطه مع السمسم والسماق وبيعه محليا.

أما مختار يحمر سمير قاسم فيلفت إلى أنّ زراعة الزعتر وحدها لا تطعم خبزاً، فهي حرفة ومهنة شعبية مساعدة لعمل أساسي، ويشير إلى أنّ هناك منظمات محلية كجهاد البناء توزع الشتول على المزارعين مجانا وتشجعهم على هذه الزراعة المنتجة حسب مساحة الاراضي المزروعة فيها، ويدعو الى تعميم هذه الزراعة على قرى الجنوب لتكون عنصرا مساعدا للمزارعين في حياتهم كما ومد المزارعين بوسائل الري وخزانات المياه فضلا عن الشتول وان تتبنى وزارة الزراعة هذه الزراعة الشعبية وتدعمها ليزداد عدد العاملين فيها وتصبح ذات جدوى اقتصادية.

وإذا كانت زراعة الزعتر أخذت انتشارها في المناطق الجنوبية نظراً لمردودها المادي وكلفتها المنخفضة، يبقى دعم الدولة للمزارعين مطلباً أساسيًا بشكل دائم، فهل من يسمع؟