من يراقب المشهد السياسي في الأيام الماضية يظنّ أن طبخة الرئاسة إنتهت وأن إنتخاب الرئيس بات على الأبواب، لكنّ الجلسة الـ45 لإنتخاب الرئيس جاءت لتشبه سابقاتها دون أن تحمل معها جديداً في هذا الخصوص سوى ضرب رئيس مجلس النواب نبيه بري موعداً بعد شهر للجلسة المقبلة، فهل تؤدي المشاورات التي يقوم بها رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ ومعه الافرقاء السياسيون الى خواتيم "سعيدة" تنهي أزمة عمرها أكثر من عامين؟!

"الأجواء اليوم تشبه الأجواء التي كانت سائدة في السابق". هذا ما تؤكده مصادر نيابية في 14 آذار، مؤكدةً أن "لا بوادر لإنتخاب رئيس للجمهورية في المدى المنظور حتى لو أن الأجواء توحي بالعكس". كانت هذه هي الأجواء حتى عودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الى لبنان والتسريبات عن أن الأخير سيتبنى ترشيح رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، إلا أن المصادر لا "ترى الصورة على هذا الشكل، فالحريري عاد ساعياً بجولاته الى إحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية"، مشيرةً الى أن "الأخير بدأها من بنشعي كونه أعلنها سابقاً أنه ماضٍ بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان الى الرئاسة، ولكن ماذا نفعل اذا وصل هذا الترشيح الى حائط مسدود؟!" هنا يدعو الحريري على حد قول المصادر الى "إيجاد حل للأزمة دون التركيز على الأسماء"، وتصل المصادر أبعد من ذلك لتشير الى أن "الحريري وفي إجتماع كتلة "المستقبل" لم يدخل في لعبة الأسماء بل إكتفى بالتشديد على أن الأزمة لم تعد تحتمل وبات إيجاد حل لها من الضروريات".

بدورها، تشدّد مصادر نيابية في ​8 آذار​ عبر "النشرة" على أن "سيناريو جلسة إنتخاب الرئيس الذي كان يشبه سابقاته يشير الى أن لا شيء تغيّر حتى الساعة"، وتشير في نفس الوقت الى أن "هناك مشاورات ولكن الأمور لم تنضج بعد على هذا الصعيد"، لافتةً الى أن "كل فريق سياسي سيستكمل جولاته ومن يدري الى أين نصل". لا تعطي المصادر أهمية كبرى لإنعقاد جلسة إنتخاب الرئيس المقبلة بعد شهر ولا ترى فيها أي رسالة، معتبرة أن "تاريخ الجلسة لا يقدم ولا يؤخّر، فعندما يحصل إتفاق سياسي على أمر معيّن يدعو بري الى جلسة في أيام لتبتّ المسألة، وهذا ما حصل في العام 2008 إذ دعا رئيس المجلس الى جلسة في ثلاث أيام ويومها تم إنتخاب ميشال سليمان رئيساً".

ما كان لافتاً بعد تأجيل جلسة إنتخاب الرئيس اليوم هو التصريح "الناري" لفرنجيه الذي قالها صراحةً "إذا اتفق الحريري مع عون وسماه للرئاسة فسيحصد نفس نتيجة العام 1988"، وهو موقف متقدم لـ"بيك زغرتا" لم يسبق أن قال مثله. هنا، لا تملك مصادر في 14 أو 8 آذار تفسيراً لهذا الموقف الذي جاء لنسف تحالف فرنجية وعون، حيث تلفت الى أنه "لم يعد هناك من أرضية مشتركة بين الرجلين حتى وصلت الأمور الى هنا".

في المحصلة، لا يمكن التركيز على هذه الجلسة ليبنى على الشيء مقتضاه، فمصيرها معروف سلفاً، ليبقى الإنتظار سيد الموقف حتى تأتي ساعة "الحل"، وكلام فرنجية يدعو الى التساؤل، هل اقتربت ساعة الحل؟ وحدها الأيام المقبلة كفيلة أن تُظهِر المخبّأ، فهل أدرك الحريري أنه لن ينجح في مسعاه إلا إذا سار بعون، ما أغضب فرنجية؟!