تبدّلت احوال السياسة في لبنان بسبب رئاسة الجمهورية، فانهارت تحالفات وبنيت اخرى، ولعل أبرز التغييرات التي رافقت الملف الرئاسي وفراغ قصر بعبدا منذ عامين ونيّف حتى اليوم، هي "تدمير" علاقة رئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون.

منذ عودة الجنرال من فرنسا عام 2005 وقف سليمان فرنجية الى جانبه ودعمه، يقول مقرب من تيار "المردة" في زغرتا. ويضيف: "اعتبر فرنجية ان عون بمثابة الأب الروحي له، واستطاع ان يفتح الطرقات امامه باتجاه حزب الله وسوريا، فورقة التفاهم التي وقّعها التيار العوني مع حزب الله ساهم بها فرنجية وتحديدا عندما جمع التيار والحزب، كذلك عندما عبّد فرنجية الطريق لعودة علاقات عون مع سوريا، فالجنرال الذي خرج من لبنان بسبب السوريين وحاربهم عسكريا داخل لبنان، وسياسيا في فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، زار سوريا عام 2008 بمبادرة من فرنجية".

يستاء مناصرو تيار "المردة" في زغرتا وقضائها من طريقة تعامل مسؤولي التيار الوطني الحر معهم، حسبما يقول مسؤول في قطاع الشباب بالمردة. ويضيف: "أثبتت تجربة ​الانتخابات الرئاسية​ أن التيار الوطني الحر يختار حلفاءه حسب المصلحة، فرغم كل ما قدمناه من دعم ومحبة لعون أصبحنا اليوم بموقع "الخصم" لهم بسبب ترشح سليمان فرنجية الى الرئاسة". ويقول: "كنا نتوقع ان يعارض (رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة") ​سمير جعجع​ وصول فرنجية الى الرئاسة بعد تبني ترشيحه من قبل (رئيس تيار "المستقبل") ​سعد الحريري​ كواحد من الموارنة الاربعة الذين اجتمعوا في بكركي، ولكن لم نتوقع أن يعادينا الجنرال عون، لأننا كنا نعتبره حليفا ويثق بنا، وكما كنا نرى أن وصوله للرئاسة يعني وصولنا نحن كوننا حلفاء، كنا نظن ان وصولنا للرئاسة يعني وصوله هو، ولكننا اكتشفنا كم كنا مخطئين بوضع ثقتنا به".

لا يخفي مناصرو "المردة" وفاءهم للثنائي الشيعي حركة امل وحزب الله، فرئيس المجلس النيابي نبيه بري بالنسبة إليهم هو الحليف الأول، لا بسبب موقفه الحالي من رئاسة الجمهورية بل بسبب حياة سياسية طويلة عمرها يفوق العشرين عاما. وتقول مصادر "المردة": "لم نستغرب موقف بري الداعم لفرنجية فهو لطالما كان حليفا لنا"، مشيرة الى أن علاقة تيار المردة وحزب الله لن تتغير بسبب كرسي الرئاسة لأنها اعمق من ذلك بكثير، معددة مواقف كثيرة كان "المردة" فيها الى جانب الحزب بعيدا عن السياسة. وتضيف: "نتفهم موقف حزب الله الداعم لعون لأن الحزب ثابت على مواقفه دائما ولم نتوقع منه تغيير كلمته بل كنا نتوقع "الكثير" من العماد عون، ولذلك فإن حزب الله يعلم أننا الى جانبه في كل المواقع، السياسية والعسكرية في مواجهة اسرائيل وكل أعداء لبنان".

يتحدث زغرتاويون من جمهور "المردة" عن وقوفهم الى جانب حزب الله في مراحل عديدة، ويتباهون بما قدموه للمقاومة على مدى سنوات، ويرفقون مع ذكر أي حادثة عبارة "لا نفعل ذلك سوى لاننا مقاومون أبا عن جد". لا تخلو سهرات الزغرتاويين من أحاديث "الرئاسة" ويكادون لا يطيقون سماع إسم "التيار الوطني الحر"، وهذا "البغض" الشديد لا يكون الا ممن شعروا "بالاهانة والطعن"، هكذا تقول إحدى سيدات زغرتا، مشيرة الى أن "عون تركنا لأجل عيون سمير جعجع، وهذا يكفي لنا لنعلم الصديق من الخصم".

يعلم مناصرو "المردة" في زغرتا أن الرئاسة ستؤول الى فرنجية يوما ما، ولكنّ الأكيد أنّ العلاقة مع "الوطني الحر" بعد انتخابات الرئاسة لا يمكن أن تكون أبداً كما كانت قبلها، والأيام ستثبت ذلك...