بعد سنوات من الفراغ في رئاسة الجمهورية، إقترب موعد إتمام هذا الإستحقاق في ظل توافق معظم الكتل السياسية على تسمية رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون كمرشّحٍ لرئاسة الجمهوريّة، ولكنّ المفارقة أنّ رئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ اختار البقاء على ترشيحه، ولو لم تكن فرصه كبيرة وفقاً للحسابات المتداولة.

فرنجية يكمل المشوار

من يراجع تغريدات فرنجية السابقة وأبرزها تلك التي تعود الى السادس والعشرين من تشرين الثاني عام 2013 والتي قال فيها: "إذا كان الظرف لصالح ميشال عون أنا معه وإذا تساوت ظروفنا أنا معه وإذا تقدّم ظرفي ويمكن أن أتنازل له أتنازل" يستغرب موقفه الراهن. ولكن وبحسب الكاتبة والمحللة السياسية ​سكارليت حداد​ فإن "ما أوصل فرنجية الى موقفه اليوم هو أنه شعر بأنّ "اللقمة وصلت الى الفم"، بمعنى أنه وفي السنة الماضية وبعد ترشيح رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري له رأى نفسه الرئيس المقبل حتى إن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اتصل به وهنأه، ووزير خارجية أميركا جون كيري أرسل له ببرقية، من هنا كان من حقه أن يتأمّل"، مشيرةً الى أن "السفن لم تجرِ كما إشتهى فرنجية ولم تصل الأمور الى خواتيمها". هذا ما تراه بدورها الكاتبة والمحللة السياسية ​روزانا بو منصف​ التي تشير الى أن "فرنجية سيكمل معركته الرئاسية حتى لو كانت مضمونة لعون، وفي النهاية لا أحد يمكن أن يتكّهن يما سيحصل في اللحظات الأخيرة"، مشيرةً الى أن "هذه تبقى ضمن اللعبة السياسية المفتوحة الأفق وإذا رأى فرنجية في جلسة الإنتخاب أنه من الأفضل أن ينسحب سيفعلها ولكن ليس قبل ذلك".

صراع فرنجية-جعجع

"كل ما يقوم به فرنجية ومغزى خطابه بالأمس هو للمرحلة المقبلة أي مرحلة ما بعد إنتخاب عون رئيساً". هذا ما تراه حداد، لافتةً الى أنه، وفي المضمون هناك صراع قادم بين فرنجية ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على المرتبة الثانية بعد عون، فجعجع يسعى الى الظهور بمظهر العراب للعهد القادم في حين يسعى فرنجية الى اثبات وجوده وسيكمل مشوار الترشح ليحفظ نفسه في المعادلة القادمة والرسالة ستكون لجعجع بعنوان "أنا الرقم الصعب فيها". أما بو منصف فتشير الى أن "كلّ فرد يدرك حجمه الفعلي والمسائل لا تحسب بهذه الطريقة"، مؤكدةً أن "ليس لدى فرنجية أي أوهام من جعجع ويعرف كلّ فرد من الطرفين حجم زعامة الآخر ولكن في النهاية لفرنجية حساباته الخاصة".

مستقبل العلاقة

لا تعتبر بو منصف أنه "يمكن التكهن مع الوقت بمستقبل العلاقة بين عون وفرنجية خصوصاً في ظلّ الأجواء المتوترة حالياً"، لكنها تشير الى أنه "يمكن وبعد أن ينتخب عون رئيساً أن يتحرّك بمبادرة تجاه فرنجية ويعطيه حقه"، معتبرةً أنه "وبعد أن يصبح عون رئيساً هو من سيتولى مسألة ترتيب البيت". في المقابل، تشير حداد الى أنه "يجب بذل جهد من الطرفين أي عون-فرنجية لترميم العلاقة بينهما"، لافتةً الى أن "حجة فرنجية للتصعيد أن المحيطين بعون اتهموه بالطعن بالظهر فيما المأخذ على فرنجية من "التيار" أنه وعندما رشحه الحريري رمى كل شيء وراء ظهره وسار في حين أن عون كان مرشحا قبله"، وهنا ترى حداد أن "الطرفين على حق في حججهما وهنا يجب العمل على تقريب وجهات النظر لمصلحة المسيحيين بالدرجة الاولى".

يكمل رئيس تيار "المردة" مشواره كمرشح للرئاسة حتى النهاية ليبدأ فيما بعد تلك المرحلة برسم صورة أخرى من التعاطي، فهل تمحو الايام المقبلة الاختلاف القائم راهنا بينه وبين عون فتُرمم العلاقة بينهما وتعود المياه الى مجاريها؟!