"ما تقول فول تيصير بالمَكيول" هو من بين الأمثلة الشعبيّة الذائعة الصيت في لبنان، علمًا أنّه يحثّ على عدم التسرّع بالإحتفال بإنجاز مُعيّن، قبل التأكّد كليًا من تحقيقه. ولأنّ الأمر كذلك، وعلى الرغم من كل ما يُقال من حسم نهائي بالنسبة إلى الإنتخابات الرئاسية وإلى الحكومة المُقبلة، لا تزال تُرمى في الإعلام "سيناريوهات" تُقدّم "الخداع" على ما عداه-إذا جاز التعبير. وفي هذا السياق، يُمكن تعداد ما يلي من "سيناريوهات" قد تمثّل خديعة لما وُعد به رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون من قبل العديد من الأطراف:

"السيناريو الأوّل" يتمثّل باحتمال إفشال إنتخاب العماد عون من خلال الإصرار على إعتبار جلسة 31 تشرين الأوّل الحالي وكأنّها جلسة أولى وليست جلسة ثانية، وبالتالي تتطلّب حُصول أيّ مرشّح على أغلبيّة ثلثي أصوات النوّاب في الدورة الأولى، الأمر غير المُتوفّر لأيّ من المُرشّحين المُتنافسين، ما يستوجب إعادة الإقتراع في دورة ثانية خلال الجلسة الثانية، في حال بقاء نصاب الثلثين النيابي مُتوفّرًا. وبحسب "السيناريو" نفسه، إنّ حُصول العماد عون على تأييد نيابي ضعيف نسبيًا في الدورة الأولى، في مُقابل حُصول رئيس "تيّار المردة" النائب سليمان فرنجيّة على تأييد جيّد نسبيًا، قد يُشجّع المُتردّدين والخائفين على مصالحهم، على التصويت لصالح فرنجيّة في الدورة الثانية.

"السيناريو الثاني" يتمثّل بإحتمال أن لا يحظى أيّ من المرشّحين عون وفرنجيّة بأغلبيّة النصف زائد واحد، أي 65 صوتًا، في حال كثرت الأوراق البيضاء، أو في حال صوّت عدد من النوّاب سريًّا بغير ما أعلنوه في العلن.

"السيناريو الثالث" يتمثّل بإسقاط نصاب الثلثين بمجرّد إنتهاء دورة التصويت الأولى التي تتطلّب ثلثي أصوات النوّاب للفوز، بحيث يكفي أن يتراجع عدد النوّاب الحاضرين في المجلس إلى ما دون 86 نائبًا، حتى يسقط النصاب تلقائيًا، وليتم عندها إرجاء الجلسة إلى موعد زمني لاحق، مع كل مخاطر دُخول الكثير من العوامل الجديدة على مُجريات الإنتخاب ككل، ومع كل إحتمالات تعمّد العرقلة في المُستقبل.

وبالنسبة إلى "سيناريوهات الخديعة" التي قد تطال رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، يُمكن تعداد ما يلي:

"السيناريو الأوّل" يتمثّل بأن يتمّ إنتخاب العماد عون رئيسًا للجمهوريّة، لكن من دون أن ينسحب هذا الأمر على ترشيح النائب الحريري لرئاسة الحكومة، باعتبار أنّ النظريّة القائلة بأنّ أصوات الأغلبيّة التي ستأتي بعون رئيسًا ستأتي هي نفسها بالحريري رئيسًا أيضًا غير واقعيّة، لأنّ أصوات كتلة "حزب الله" التي ستصبّ في جعبة العماد عون لمنصب رئاسة الجمهورية، لن تصل إلى جيب النائب الحريري لمنصب رئاسة الحكومة، على سبيل المثال لا الحصر.

"السيناريو الثاني" يتمثّل بأن يتمّ إنتخاب كل من عون والحريري، لكن من دون تسهيل عمليّة تشكيل الحكومة، حيث يُمكن إيجاد مَعوقات تستدعي أشهرًا طويلة من الأخذ والردّ لتذليلها، بدءًا من التمسّك بحقائب مُحدّدة، مرورًا بالمطالبة بتوزير شخصيّات معيّنة، وُصولاً إلى مقاطعة الحكومة كليًا، لإفقادها "ميثاقيّتها" طالما أنّها برئاسة الحريري.

"السيناريو الثالث" يتمثّل بأن يتمّ تأخير تشكيل الحكومة عمدًا لتمرير الوقت، والمُطالبة بتشكيل حكومة تكنوقراط مُوقّتة، باعتبار أنّ ضرورة إجراء الإنتخابات النيابيّة في الربيع المقبل يجعل من أيّ حكومة مُشكّلة تركيبة ظرفية ستُصبح بحكم المُستقيلة بعد إعادة تحديد الأحجام السياسيّة بفعل الإنتخابات، خاصة في ظلّ مُراهنة الكثيرين على أن رئيس "تيّار المُستقبل" سيفقد خلال الدورة الإنتخابيّة المقبلة الكثير من حجمه السياسي، بحيث لن يعود الشخصيّة السنّية غير القابلة للتجاوز كما هي المُعادلة اليوم، الأمر الذي سيسمح بتسمية سواه لرئاسة الحكومة.

في الختام، وبموازاة "سيناريوهات الخداع"، لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ مسؤولي "التيار الوطني الحُرّ" يعتبرون أنّ إنتخاب العماد عون رئيسًا للجمهورية محسوم، على الرغم من أنّ تأكيدهم يشوبه بعض الحذر، بينما يسخر أنصار "الوطني الحُرّ" من كل ما يُكتب ويُشاع من إحتمالات عدم فوز "الجنرال" بالرئاسة في الجلسة المُقبلة. وفي ضفّة مسؤولي "تيّار المُستقبل" الراحة بادية إنطلاقًا من أنّ التفاهمات الكفيلة بإيصال "الجنرال" إلى قصر بعبدا على الرغم من بعض الإعتراضات هنا وهناك، ستكون كفيلة بدورها بإيصال النائب الحريري إلى السراي الحكومي على الرغم من بعض الإعتراضات هنا وهناك، بينما يسود الحذر أنصار "المُستقبل" بالنسبة إلى دور الحريري وتيّاره ككل في العهد المُقبل.