اتصل ​الأمن العام اللبناني​ بالفتاة ​بشرى فتوح​ يوم الجمعة الماضي طالبا منها التوجه الى مركزه في بيروت، حضرت برفقة إحدى عمّاتها، وبعد انتظار دام حتى ساعات المساء، قال الأمن العام للعمّة "ارحلي الى منزلك فبشرى ستبقى هنا".

وصل الخبر الى ​طرابلس​ فثارت حميّة البعض، وانتشرت بسرعة هائلة عبارات التضامن، فبدأ الحديث أولا عن اعتقال بشرى بسبب كتابات على موقعها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم اعتماد وسم "الستاتوس مش جريمة" مجددا، وتحدث آخرون عن "البدء باعتقال النساء لأن الرجال في طرابلس أصبحوا في السجون"، وغيرهم تحدّث بلسان طائفي داعيا الى "استنهاض الأمّة بوجه الظلم". فما هي حقيقة بشرى فتوح؟!

هذه المرأة، هي وبحسب مصادر لـ"النشرة"، فتاة سوريّة مولودة في لبنان وتعيش في منطقة البدّاوي بطرابلس، لم يلحق والدها مرسوم التجنيس، فبقيت على جنسيّتها رغم أن أعمامها حازوا على الجنسية اللبنانية. تبلغ 19 عاما وهي غير متأهلة، تتابع علومها الدينية في أحد المعاهد المختصة في منطقة أبي سمراء في طرابلس، اعتقلت يوم الجمعة الماضي في 13 كانون الثاني من قبل جهاز معلومات الأمن العام، وهي الان بقبضة مخابرات الجيش اللبناني منذ ايام.

وتضيف المصادر: "ان البيان الصادر عن الأمن العام والذي يتحدث عن توقيف المدعوة (ب. ف.) من الجنسية السوريّة لإنتمائها الى تنظيم إرهابي، كان يقصد بشرى، فهي على علاقة وثيقة بتنظيم "داعش" في سوريا، وعلى تواصل دائم مع قياديين في هذا التنظيم، وكانت تتولى في البداية "تجنيد" فتيات لبنانيات وسوريات وارسالهن الى سوريا لـ"الجهاد"، او اقناعهن بالعمل لصالح التنظيم في لبنان، ومن ثم تطوّر عملها في التنظيم، فأصبحت على تواصل مع الإرهابي الفار ​شادي المولوي​ وزوجته، اضافة الى قيامها بالتخطيط والتحضير لاغتيالات منها اغتيال أحد عناصر مخابرات الجيش في الشمال".

تأتي هذه العمليّة حسب المصادر بعد رصد ومتابعة للإرهابي شادي المولوي، فتواصل بشرى معه وزوجته جعلاها تحت اعين مخابرات الامن العام، حيث تمّت مراقبتها عن كثب واكتشاف علاقتها بـ"داعش"، مشيرة الى ان الموقوفة اعترفت بكل ما نُسب اليها من تهم بعد مواجهتها بالحقائق، حيث لم تستطع الإنكار خلال التحقيق بسبب كثرة الدلائل التي جُمعت خلال فترة مراقبتها. وتشدد المصادر على أن عمل جهاز الامن العام لم يكن ولن يكون استنسابيًّا، فهذا الجهاز يعمل بالتنسيق مع مختلف الأجهزة لمكافحة الإرهاب، مذكّرة بما حصل سابقا مع الفار شادي المولوي يوم أوقفه الامن العام واطلقته الايادي السياسية متهمة الجهاز بـ"العمل الطائفي"، وكانت النتيجة أن حارب المولوي الجيش في طرابلس وهو اليوم احد اخطر الارهابيين المطلوبين".

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي الطرابلسي بخبر توقيف فتوح وكأن طفلة بريئة قد سُلبت كرامتها، فكان الهجوم قاسيا على الاجهزة الامنية والدولة، ومن ثم تحركت صديقات بشرى في اعتصام طالب بإطلاق سراحها، ومن بعدها ارتفعت أصوات هيئة العلماء المسلمين التي دعت على لسان رئيسها رائد حليحل الى اطلاق سراح فتوح، مشيرا الى أن خبر نقلها الى مخابرات الجيش اللبناني جاء بعد وعود بالإفراج عنها، ودعت الهيئة للقاء علمائي موسع للتشاور بشأن قضية بشرى فتوح اليوم الخميس. في المقابل يوجد في طرابلس رأي مغاير يقول بضرورة الانتظار ريثما تنتهي التحقيقات، فإن كانت بشرى متورّطة ينبغي ان تنال عقابها. وفي هذا السياق يقول أحد النشطاء الطرابلسيين لـ"النشرة": "في البداية رفعنا الصوت لأننا ظننا أن المسألة تتعلق بكتابات على الفايسبوك، ولكن بعد تواصلنا مع المعنيين في جهاز الامن العام ابلغونا بنتائج التحقيق الأولية، وبالتالي فإننا اليوم بانتظار الخواتيم".

دخل لبنان منذ فترة في حرب ضد الإرهاب، وتعمل الاجهزة الأمنية اللبنانية بالتنسيق الكامل فيما بينها على خوض هذه المعركة نيابة عن الشعب اللبناني، فهي لا تعمل مع فريق ضد آخر، وبالتالي لا يجوز أن تثور ثورة الطائفيين كلما تم توقيف أحد المتورطين، خصوصا وأن الإرهاب لا دين له.