لم تشكل غزوة عرسال من قبل إرهابيي "​جبهة النصرة​" وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" مفاجأة بالنسبة إلى الإسلاميين المتشددين في لبنان. كانوا بجو ما يمكن أن يحصل على هذا الصعيد وفي أي لحظة في إحدى قرى البقاع او الشمال، لكن أنظارهم كانت تتجه أكثر الى البقاع وتحديداً القسم الشمالي منه.

وفي هذا السياق، يقولها إسلاميون لبنانيون متشددون وبصراحة مفرطة، "ما كان يجب أن يحصل في بلدة نحله المتاخمة لمدينة بعلبك قبل أسابيع من غزوة عرسال، وفشل، نُقل تنفيذه الى عرسال إذ رأى المنفذون أن هناك صعوبات عدة تعترضهم إذا كان الاجتياح سيستهدف بلدة شيعية". وفي تفسير لكلامه هذا، يتبيّن أنّ إرهابيي "النصرة" و"داعش" شنوا هجوماً عنيفاً على جرود بلدة نحله، وكان الهدف منه إقتحامها وإرتكاب مجزرة بشرية فيها بحق الشبان والشابات، هذا بالإضافة الى خطف العشرات من هؤلاء لمبادلتهم بسجناء إسلاميين موقوفين في سجن روميه المركزي. وفي تلك الليلة، صدّت مجموعات "حزب الله" المنتشرة في جرود المنطقة المذكورة ومحيطها هذا الهجوم موقعة الكثير من القتلى بين صفوف المسلحين المهاجمين، حتى أنّ الجيش السوري تدخّل بمدفعيته الثقيلة للمساندة ووضع حدًّا لهذا الإقتحام.

"بعد فشل إقتحام اللبوة"، يقول شيخ متشدّد، "كانت الخطة "ب" تقضي بتنفيذ المجموعات المسلحة هجوماً مماثلاً من ناحية جرود راس بعلبك أو من ناحية جرد بريتال، فتبيّن لقيادتها أن انتشار مجموعات الحزب هناك كثيف جداً ويؤدي الى محاصرة المهاجمين على طريقة "الكمّاشة" وعندها ترتكب المجزرة داخل صفوف "النصرة" و"داعش" بدلاً من تسجيلها داخل البلدة المستهدفة لذلك كان التريث، وبعد التفكير والتخطيط ولدت قناعة بأن الإستهداف يجب أن يكون في خاصرة رخوة وأنّ ما من بلدة أكثر من عرسال يسهل التوغّل فيها خصوصاً أنّ الدعم مؤمّن للمهاجمين من داخل مخيمات اللاجئين السوريين الذين يفوق عددهم اضعاف سكان البلدة الأصليين وهكذا حصل".

وبما أنّ خطف مجموعة من شباب عرسال لن يشكل ضغطاً على "حزب الله" ولن يستنفر أجهزة الدولة بكاملها لا بل قد يؤدي الى مواجهة مع أبناء البلدة، قرر الخاطفون اقتحام عرسال وخطف ما يمكن من عسكريين في الجيش أو الدرك، لذلك بدأ الهجوم بمحاصرة فصيلة قوى الأمن الداخلي واحتجاز من فيها من عناصر قبل نقلهم إلى الجرد ليأتي فيما بعد الكمين لعسكريي الجيش وهناك كان الصيد الثمين.

إذاً كل شيء خُطِّط له سابقاً وكان بحوزة الأجهزة الأمنية الكثير من المعلومات عن هذا الإقتحام خصوصاً بعد فشل تجربته الأولى في نحله، لذلك يطرح السؤال هل يجوز أن تسقط الدولة برمتها بخرق أمني من العيار الثقيل كهذا أم أن التواطؤ الذي تفوح منه رائحة التسويات السياسية الكبرى كان سيد الموقف؟