لا ينوي رئيس "تيار المستقبل" ​سعد الحريري​، الذي انقطعت أخباره بعد عودته الى جدة، ترؤس الحكومة المقبلة التي ستخلف حكومة ​تمام سلام​. هو مقتنعٌ بأنّ المرحلة لا تناسبه ولا تشبهه خاصة أنّه يخطط لأن تكون ولايته الحكومية الجديدة مثمرة ومختلفة على غرار ولايات والده الراحل رفيق الحريري. وتتلاقى رغبة الحريري مع نصائح سعودية تصبّ في نفس الاتجاه، لذلك بدأ الحديث عن الشخصية التي قد ترأس الحكومة المقبلة بالتزامن مع البحث الجاري عن رئيسٍ جديد للجمهورية.

وتستبعد مصادر مطلعة أن يتغيّر موقف الحريري من موضوع رئاسة الحكومة في حال التوصل لتسوية كبرى للأزمات اللبنانية المختلفة تأتي باطار سلة واحدة، "فخروج حزب الله من سوريا لا يبدو مُتاحًا في المدى المنظور ما يعني أنّ الحلّ لن يكون شاملا، علمًا أنّ تبلور صورة المنطقة قد يحتاج لسنوات، والحريري لا يرى نفسه مستعجلا للعودة الى السراي الحكومي في وسط بيروت طالما هناك من ينوب عنه في منصب رئيس الحكومة".

ولعلّ أكثر من يعي ما يجول في بال الحريري والمعنيين بالملف اللبناني في المملكة العربية السعودية، هما رجلا الحريري الأمنيان، وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ ووزير العدل ​أشرف ريفي​، المرشحان البارزان لرئاسة الحكومة المقبلة.

ولا يختلف اثنان على أنّ الرجلين دخلا حلبة المنافسة مع دخولهما الى حكومة سلام، علمًا أنّ عين ريفي ظلّت دائمًا على وزارة الداخلية التي اقتضت التسوية السياسية أن تُسلم للمشنوق.

وتشير المصادر إلى أنّ الثاني حاول في الفترة الأخيرة، وبالتحديد قبل عودة الحريري الى بيروت، "خلق حيثية معينة له تؤسس لتوليه رئاسة الحكومة المقبلة، لكن هذه الحيثية عادت وتحجّمت مع عودة زعيم المستقبل الذي أيقن أن عددًا من نوابه ووزرائه عدا عن منافسيه على الساحة السنية باتوا يأخذون كثيرا من حيثيته الشعبية تطبيقا للمثل القائل البعد جفا".

ولعل اللواء ريفي سبق المشنوق بأشواط من حيث الشعبية خاصة أنّه كرّس زعامته طرابلسيًا في أكثر من محطة وأكثر من ملف، لكن ذلك قد لا يخدمه كثيرا بحسب متابعين، نظرا إلى أنّ الحريري قد لا يرغب بأن يكون رئيس الحكومة المقبل قويًا وبنفس الوقت يتمتع بشعبية، ما يأخذ من رصيده في المستقبل.

وقد تكون حظوظ المشنوق لتولي رئاسة الحكومة أكبر من حظوظ ريفي، أولا لكونه أقرب الى القيادات السعودية المعنية بالملف اللبناني، وثانيا لكونه بيروتي ما يرفع أسهمه، اضف الى أنّه اعلامي يناسبه الموقع أكثر من ريفي الامني المتفوق في مجاله.

وتعتبر المصادر أن "تغريد ريفي خارج سرب تيار "المستقبل" في أكثر من محطة ومواقفه الحادة قد لا تخدم كثيرا مسيرته باتجاه رئاسة الحكومة، بخلاف المشنوق الذي يتقن فن مواجهة أخصامه من دون التجريح بهم أو قطع شعرة معاوية معهم".

ولا يبدو تمام سلام الذي نجح في مهمته في أحلك الظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة مستبعدا عن الشخصيات المرشحة لرئاسة الحكومة المقبلة، الا أن اعادة تسمية البيك البيروتي تبقى مرتبطة بظروف المرحلة مستقبلا، فاذا كانت تتطلب صقرا فصقرا "المستقبل" جاهزان للمهمة، أما اذا كانت تتطلب سلاما، فسلام لن يتردد دون ادنى شك بتمديد اقامته في السراي الحكومي.