قد لا يكتفي رجل الامن في لحظة "تشدد قانوني" بالنظر مبتسما لفتاة جميلة، او ربما غير جميلة، ترتدي "شورتاً" قصيرا يتماشى مع الموضة، فيخطر على باله مثلا وعن غير عادة، تطبيق القانون بحذافيره فيفرض على الفتاة غرامة مالية لارتكابها جنحة "ارتداء الشورت". هذا ما ينص عليه نظامنا الذي يحوي قانونا يمنع بفقرة منه ارتداء الشورت ويفرض غرامة على المخالفين، وبالتالي حتى وان كان هذا القانون غير مطبّق، إلا أنه موجود وساري المفعول، والى جانبه، يوجد قوانين لبنانية كثيرة بحاجة الى تعديل او تفعيل أو حتى شطب، فلماذا لا يقوم مجلس النواب اللبناني بدوره في تنظيف التشريع؟ وكيف يتم تقييم القوانين؟

بداية، وفي سياق الحديث عن قانون منع ارتداء الشورت الصادر في عهد الانتداب الفرنسي على لبنان عام 1941، يشير المحامي ​ربيع قيس​ إلى أنّ هذا القانون وُجد في حينه لأجل خدمة المجتمع، أما اليوم فإنّ الواقع اختلف كثيرًا مع تطور الحياة والانفتاح ما أدّى لإهمال هذا القانون وعدم الأخذ به مجدّدًا، لا بل أصبح نوعًا من الفكاهة الاجتماعية.

ويؤكد قيس، في حديث لـ"النشرة"، أنّ "أي قاض قد يُعرض أمامه هذا القانون سيأخذ الامر بضحكة، وبكل تأكيد لن يطبقه أو يفرض غرامة على المخالف".

من جهته، يرى عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ​غسان مخيبر​ أنّ هذا القانون وإن كان غير مستعمل، إلا أننا قد نسمع بمطالبة البعض بتطبيقه في مناطق معينة. ويقول في حديث لـ"النشرة": "هذا النص لا يتابع من قبل الضابطة العدلية، ولا يوجد أحكام تصدر بناء عليه، وهذا يظهر وكأن القانون غير قابل للتطبيق"، مضيفا: "إلا أنه من القوانين النائمة بحيث من الممكن أن يستعمل في مناطق بلبنان قد لا تقبل لبس الشورت وتطالب مثلا بلبس الحجاب"، ويشير إلى أنّ السياسة قد تدخل في تطبيق القوانين تمامًا كما حصل بقضية حرق علم "داعش".

قيمة القانون بالتنفيذ

صدرت في لبنان قوانين كثيرة تطال موضوعات حساسة إلا أنّها اصطدمت بالتنفيذ الخاطئ أو حتى بعدم التنفيذ الناتج عن رفض المجتمع لها أو عن عدم المتابعة من الضابطة العدلية المولجة تطبيق القوانين. وهنا يشير مخيبر إلى أنّ "الهدف من وضع القانون ليس النص وحسب بل ما هو السلوك الذي يجب اتباعه من قبل المجتمع، وهذا ما يسمى سيادة القانون"، لافتا النظر إلى أنه "ليس بالضرورة أن تكون القوانين القديمة هي قوانين سيئة فقانون الجمعيات الصادر عام 1909 خير دليل، فهو من أفضل القوانين التي صدرت بلبنان وكل التعديلات التي أدخلها المشرع اللبناني عليه كانت سيئة".

ويرى مخيبر أنّ القانون لا ينظر بتقييمه لنصه وحسب بل ينظر لممارسة تطبيقه أيضًا، والتطبيق ينقسم لثلاث مستويات، أولها نظرة المجتمع للقاعدة أي مدى تقبل المجتمع للقاعدة القانونية، يليها مدى توافر النية في تطبيقه وهذا الأمر قد يكون مرتبطا بالسياسة مثل قانون منع الشورت، وآخرها الممارسة القضائية واجتهادات المحاكم التي تجعل القانون حياً.

مجلس النواب اللبناني بطيء

لا ينكر مخيبر أنّ مجلس النواب اللبناني بطيء في عمله التشريعي ومقصر في مكان ما بما يخص عملية تنظيف التشريع وتطوير القوانين. ويقول: "اليوم يوجد حوالي 300 نص بانتظار وضعهم على جدول أعمال الهيئة العامة في مجلس النواب، وهذا يحتاج للوقت الكثير، إذ إنّ متوسط انعقاد المجلس للتشريع هو 3 مرات في السنة، وهذا قليل جدا، اضافة للصعوبات السياسية".

ويشير مخيبر إلى أنّ "أيّ وقت يُعطى لتنظيف التشريع من قوانين قديمة او غير مستعملة سيكون في هكذا مجلس من الترف"، مشيرا الى ان الاصلاح التشريعي ضروري انما الاهم هو مراقبة حسن تنفيذ القوانين، وقبل الحديث عن تطوير القوانين يجب أن نتحدّث عن تفعيل القاعدة القانونية في لبنان، وتفعيلها قد يكون بتعديل النص او بتعديل الثقافة او بتحسين التنفيذ.

تتغير القوانين في ثقافة الناس، ومن صلاحيات المجلس النيابي ان يقرر الى اي مدى يريد المضي بتطويرها، ولكن احيانا قد يكون من الحكمة عدم التصرف، فإن قررنا اليوم تحديدا طرح تعديل قانون منع الشورت، قد نجد من يتبناه ويسعى لتطبيقه في مناطق معينة.

تصوير فوتوغرافي محمد سلمان

تصوير تلفزيوني علاء كنعان