لطالما أخذت مسألة إنشاء ​السدود​ في لبنان حيزاً واسعاً من الجدل... ففي نظر البعض هي حاجة أساسية لتغطية النقص أيام الجفاف الصعبة، بينما يرى البعض الآخر أنّ مسألة الإصرار عليها سببه تأمين الغطاء "لصفقات مشبوهة".

نال سدّ جنّة حصة كبيرة من الأخذ والردّ خلال الاسابيع الماضية، فبداية المعركة الخفية بين وزارتي البيئة والطاقة كانت عبر طلب وزير البيئة محمد المشنوق منذ أشهر من وزير الطاقة أرتور نظريان إيقاف العمل فورا بهذا السدّ لحين تقديم تقرير تقييم الاثر البيئي، وليأتي بعدها قرار قاضي الأمور المستعجلة في قرطبا الأسبوع الماضي وقف الأعمال لأربعة أيام لقيام خبير معين من المحكمة بالكشف على الموقع ...

مقايضة سياسية!

وفي هذا السياق تصف مصادر مطلعة على الملف عبر "النشرة" "عدم تقديم دراسة تقييم الاثر البيئي "بالخطوة الناقصة"، خصوصاً وأن وزير الطاقة والمياه السابق جبران باسيل سعى الى معالجة هذا الملف بطريقة قانونية من البداية. وترى المصادر أنّ "قرار المشنوق يومها بطلب وقف الأعمال الفوري في ​سد جنة​ لا يعود إلى حرصه على البيئة بل "لغاية تكمن في نفس يعقوب"، يمكن تفسيرها بمحاولة الفئة السياسية التي ينتمي إليها الضغط على التكتل الذي ينتمي إليه باسيل بهدف تخفيف سقف المفاوضات في ملفات أخرى مطروحة على طاول مجلس الوزراء".

المشنوق ينفي

وزير البيئة محمد المشنوق نفى عبر "النشرة" هذا الكلام نفياً قاطعاً، مؤكداً أن "قرار إيقاف الأعمال في هذا السدّ نابع من حرصه على البيئة"، ويشير الى أنه "يعمل حسب القانون الّذي يشدّد على تقديم دراسة الأثر البيئي الى الوزارة التي تطلع على التقرير، وإن كان إيجابيا تسمح بمباشرة الأعمال وهذا ما لم يحصل"، ويطالب المعنيين "بالقيام بواجبهم وإرسال الدراسة الى وزارة البيئة وإذا كانت صالحة فلن نعرقلها أما إذا لم تكن كذلك فلن نسمح بمرور المشروع".

تجدر الاشارة الى أن الاعمال في سد جنة قد عادت بعد انتهاء مهلة الايام الاربعة التي أوقف فيها قاضي الامور المستعجلة الاعمال. وهنا تسأل مصادر بيئيّة عن سبب تحديد هذه المهلة القصيرة وإن كان الامر يتعلق بأمور قانونية، داعيةً الى "التمهل بعض الوقت لمعرفة الأسباب الحقيقية خلف هذا القرار". وتتساءل: "إذا كان وزير البيئة فعلاً مهتماً بطبيق القانون، فلماذا سمح بإستمرار العمل في مشروع معالجة جبل النفايات في صيدا رغم أن دراسة الأثر البيئي لم تكن صالحة واللجنة لم توافق عليها الا أن الوزير السابق ناظم الخوري سمح بسير الأعمال يومها وبعد إستعمال وزير البيئة الحالي مهامه لم بقم بأي خطوة في هذا المجال؟"

ويبقى القول أن الأيام المقبلة كفيلة بإظهار اللغز الذي يحيط بعملية السعي نحو عرقلة ملفات السدود وتحديداً سدّ جنة، لأنها ربما قد تتجاوز مسألة الحرص على البيئة لتتعداها الى أمور أخرى قد تظهر معالمها قريباً حسب المصادر نفسها!