مباركة التمديد لمجلس النواب الذي كان فاتحه به الرئيس سعد الحريري في العاصمة الايطالية بذريعة عدم مباركة مخالفة الدستور مصرا على توجيه اللوم لعدم اجراء انتخابات رئاسية اولا. فالراعي قال لدى استقباله الحريري " نحن والرئيس سعد الحريري نتحدث لغة واحدة " ما ذكرمصادر مراقبة عدة بامكان استعادة زمن التفاهم مع بكركي كما كان الامر مع الرئيس رفيق الحريري والبطريرك مار نصرالله بطرس صفير واشاع تفاؤلا على هذا الصعيد سرعان ما هوى بعد موقف الراعي في المطار. كان هناك لوم وعتب من هذه المصادر على الرئيس سعد الحريري لجهة خوضه معركة التمديد للمجلس وكأنها معركته او معركة تياره دون سائر الافرقاء السياسيين، ما سمح على الهامش لوزير الخارجية جبران باسيل مثلا لان يوظف مسعى الحريري في اطار خوف الاخير من الانتخابات. في حين ان التمديد للمجلس يريده رئيس المجلس نبيه بري اكثر من اي طرف وكذلك الامر بالنسبة الى " حزب الله" الذي كان طالب لدى التمديد السابق للمجلس ان تكون مدة التمديد لثلاث سنوات وليس اقل. اذ ان الحزب وفي عز انخراطه في الحرب السورية لا يستطيع خوض انتخابات نيابية لا يريدها راهنا كما لا يريد الانتخابات الرئاسية من خلال استمرار اعلان وقوفه الى جانب النائب ميشال عون. وهو موقف يوازي عدم رغبة تيار المستقبل في خوض الانتخابات لاسباب واعتبارات يقول البعض انها مادية ويقول البعض الاخر انها لوجستية في حين يتلطى الجميع وراء الاسباب الامنية وظروفها التي تحول دون اجراء الانتخابات. لكن بري وسائر الافرقاء استغلوا هذه النقطة كما لو انهم يؤدون خدمة لتيار المستقبل الذي اخذ المسألة وكأنها على عاتقه فتحمل رد الفعل الذي اعلنه البطريرك الماروني، ولو ان التيار آثر الصمت وعدم الرد على البطريرك الذي سعى بعض اركان الكنيسة للتخفيف منه عبر توضيحات مختلفة.

الا ان محصلة كل هذا التطور صبت بحسب هذه المصادر في خانة تأكيد عدم امكان التعويل على بكركي شريكا سياسيا محتملا من اجل تدوير بعض الزوايا، ما يساهم في تعقيد الوضع المسيحي وفي ابقاء اللعبة السياسية متنازعة بين فريقين لا امكان ولا مكان للحل بينهما، اقله في المدى المنظور وفي السياق الراهن للوضع السياسي. ولذلك يبقى الكلام على تعقيد الانتخابات الرئاسية بين كل من العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع على رغم اختلاف ادائهما ومقارباتهما في هذا الاطار وعلى رغم ان ثمة توظيفا داخليا واقليميا يزيد من تعقيد موضوع الانتخابات ويؤثر حتى على الموقف المسيحي من التمديد لمجلس النواب. اذ يسري على نطاق واسع ما بات معروفا من عدم رغبة عون في التراجع عما يعتبره حقه في الوصول الى الرئاسة الاولى مهما طال الفراغ في موقع الرئاسة معززا بوقوف فريق قوى 8 آذار وراءه واعتباره المرجعية في القرار في هذا الشأن. ومع ان سيناريو انتخاب عون لم يعد يبدو في الصورة ولا يبدو ان حظوظه متوافرة، فان السيناريو الاخر يبدو انه يخير اللبنانيين بين فراغ طويل الامد الى حد يدفع الافرقاء السياسيين الى اليأس والتسليم بانتخابه بعد اشهر طويلة من غياب موقع رئيس الجمهورية او التفاوض معه وفق شروط صعبة جدا بحيث يتمنى الافرقاء السياسيون لو انتخب رئيسا بدل مقايضته على الرئاسة بجعله ملكا متوجا. اذ ان انتخابه لن يساهم كما يقول في انتاج الكثير في حين ان مفاوضته على ملء الشغور الرئاسي سيكرس مرجعيته في اختيار الرئيس العتيد بالاضافة الى جملة مطالب تتصل بالحكومة العتيدة وطبيعتها ورئيسها وحصته فيها الى جانب اشتراطه الحصول على قانون انتخاب يؤمن له الحصول على ما يريده مع المطالب الخاصة المعروفة. وهذا الواقع من شأنه ان يجعل من موقع عون اهم من الرئيس العتيد واقوى منه ويكرسه مرجعية لا غنى عنها بحيث يقرر هو مواقع الافرقاء المسيحيين الاخرين وحصصهم في هذا السيناريو. وهو امر لن يسلم له به جعجع على الاقل وافرقاء اخرون يناهضون نزعة الجنرال للتحكم بالقرار المسيحي وحصريته منذ ان كان في منفاه الباريسي منتقدا تجمع قرنة شهوان وعدم تسليمها له بالمرجعية المقررة. ولهذه النقطة اهميتها من الزاوية السياسية ومن زاوية اخرى تتصل بواقع انه في حال اقنع عون بالتراجع عن الاصرار على انتخابه، وهو ما سيتولاه حليفه "حزب الله" على الارجح في اطار موقعه المؤثر في هذه المعادلة، فان من سيكون على عاتقه التفاوض على الاثمان هو الرئيس سعد الحريري الذي لا يستطيع في الوقت نفسه ان يتخلى عن حلفائه المسيحيين من جهة ولا تغليب مرجعية عون على مواقعهم من جهة اخرى. ولذلك لم يعد يرى احد في الداخل ولا حتى في الخارج اي حل لمسألة الرئاسة ما لم تتغير بعض الظروف والمعطيات بحيث يسأل مراقبون اذا كان نواب من تكتل عون غير المنضوين في تياره يمكن ان يغيروا مواقفهم بعد التمديد لمجلس النواب بما يضمن مقاعدهم حتى 2017 لقاء محاولة انقاذ موقع رئاسة الجمهورية من الفراغ وهل يجرؤون على ذلك ام ان الوضع اكثر تعقيدا من قلب معادلة الاصوات؟