اعتبر وزير الخارجية ​جبران باسيل​، أنه "لا يمكن أن نكون ضد التعاون مع أميركا إذا كانت تقوم بما يخدم مصلحتنا، وعلينا أن نختبر جديتها في محاربة الإرهاب". وأوضح باسيل، في حديث صحفي، تعليقاً على إمكان فرض المجتمع الدولي رئيساً للبنان "طالما لم يتفق اللبنانيون حتى الآن، فلا يعتقد أن لدى الدول قدرة أو رغبة في فرض رئيس"، مشيراً إلى أن "حوار "التيار الوطني الحر" مع تيار "المستقبل" لم يتوقف لكنه لم يعد منتجاً".

وراى باسيل ان "هناك مواضيع بإمكان لبنان أن يلعب دوراً فيها أكبر من مساحته وهناك أمور، يجب أن ينكفئ ليحافظ على تعدديته. وحيث أقول إنه يجب ألا تكون في محاور متصارعة تمس بكياننا، الأمر واضح. وأين يكون هناك محور يؤمن مصالح لبنان يجب أن نجاهر بالدخول فيه لنستفيد منه ونساهم في أن يكون من ضمن القانون الدولي".

وعن أن هذه المواقف المتعددة تترك الحرية لوزارة الخارجية في أن تختار ما يناسبها وفقاً للمصلحة السياسية، أكد باسيل أن "العكس هو الصحيح فقد تحدث عن 10 نقاط، لأن نظامنا السياسي توافقي، أنه يجب أن نعزز مواقفنا بالتشاور والوحدة حولها، لكن من دون أن يعني ذلك الشلل في الموقف. فالاستقلالية في السياسة الخارجية هي أن يكون لدينا هامش ولا تقيد نفسك.يجب أن تكون لدينا حرية واستقلالية وإمكانية مناورة واسعة، وهذا يتطلب جهداً ليكون لنا في كل مرة الموقف اللازم. في الإرهاب مثلاً، حين نقول بتحييد مشاكل سوريا عنا، هل هذا يقود إلى أن نحيد أنفسنا في أي قضية تعرض علينا. من قضية أوكرانيا إلى قضايا الشرق الأوسط؟ أزمة سوريا متقاطعة مع موضوع الإرهاب".

وأشار باسيل الى انه "لم يحك عن تحالف دولي لا يضم الجميع، بل عن محور أممي في وجه الإرهاب، ويجب أن يكون لبنان في عداده، وأن يعمل لكي تكون كل الدول التي تحارب الإرهاب جزءاً منه، فموقفنا هو تشجيع مشاركة الجميع. لا أن نصبح مع دول ضد أخرى، هذا يتسبب بمشكلة داخلية، نريد توافقاً عليه. شاركنا في جدة وباريس والكويت بقرار مجلس الوزراء. وسنشارك في بروكسيل"، لافتاً الى أننا "جميعاً نتعاون مع أميركا ضد الإرهاب ونأخذ منها مساعدات للجيش اللبناني، ولا يمكن أن نقول لا نريد التعاون معها، إذا كانت تقوم بما يخدم مصلحتنا. أفهم أن يكون لدى جزء من اللبنانيين مفهوم للإرهاب ولديهم خوف وتشكيك حيال سياستها، أفهمهم وأشاركهم في جزء منه. علينا أن نطالب أميركا بأكثر، ونختبر جديتها، لكن بمشاركتنا وليس بانكفائنا. وإذا كان هناك ما لا نؤيده لا نلتزم به".

وعن نظرته إلى اقتراح الموفد الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا للحل في سوريا بإقامة هدنة مقدمة للحل، أوضح باسيل انه "كانت لنا مساهمة في هذا الاقتراح، تقضي باعتماد صيغة المناطق الهادئة، والتي سماها دي ميستورا المناطق المجمدة. قدمناه في برلين مع مجموعة وزراء خارجية، وليس أمام الإعلام. اقترحت الفكرة على قاعدة نشوء مناطق هادئة ومستقرة وتخفيف الاحتقان في الدول المحيطة بسوريا بأن يعود إليها النازحون السوريون، حتى لا يفجروا البلدان التي هم فيها. وقيمتها بأن تنشئ عدداً كبيراً من المناطق حيث تؤدي التفاهمات الصغيرة إلى تفاهمات أكبر، والتفاهمات التي نتحدث عنها تؤدي لشيء انتقالي، نحن مع سلام وحل سياسي، وأي أمر يسمح للسوريين بأن يقرروا مصيرهم. وكلما حصل في سرعة استفاد لبنان. وإذا لا إمكان لأن يحصل الحل الكامل، والممكن هو حلول موضعية تريح سوريا بعض الشيء، ولبنان بالتالي، نبدأ به للانتقال إلى الحل الأكبر".

وعن توقعاته لانعكاس نتائج مفاوضات فيينا حول الملف النووي، سواء تمديد للمفاوضات أم لا، على الوضع اللبناني، اعتبر باسيل أن "الاتفاق تم منذ زمن، بمعنى القبول بالآخر، أي أن أميركا لم تعد الشيطان الأكبر، وإيران لم تعد في محور الشر، بل في مرحلة القبول بحقها في برنامج نووي سلمي وإقرارها بعدم امتلاك سلاح نووي، وبمبدأ رفع العقوبات عنها واستيعابها في المنظومة الدولية، وأن تكون جزءاً من تفاهمات دولية على الإرهاب. نحن الآن في مرحلة ثانية من المؤكد أنها لن تكون إعلان الفشل. وستكون إما اتفاقاً أو الأرجح الإعلان عن اتفاق مرحلي ثانٍ. وهذا يعني تنفيذ الاتفاق على مراحل، يخص الآن النووي الإيراني، وبعد الانتهاء منه، ذاهبون نحو تفاهمات إقليمية أوسع، لا تخص النووي فقط، بل ملفات أخرى. وهذه يمكن لبنان والمنطقة برمتها الإفادة منها، على القاعدة التي نؤمن بها في لبنان، أي ألا تكون موجهة ضد فريق. هناك تخوف غير مبرر من دول في المنطقة على أنه سيلغيها، سيحد من دورها ربما، لكنه لن يلغيها ولن يعطي الدور الأكبر لإيران. هي ستأخذ حجم دورها الطبيعي لأنها دولة كبيرة في المنطقة. وهذا يساعد في حل مشاكل في المنطقة تستفيد منها دول أخرى وتتحمل إيران مسؤولية أكثر، ولبنان يستفيد من تخفيف حدة الصراع، وليس من الضروري ان يكون بانتخاب رئيس للجمهورية، بمعنى أن كل تفاهم وتخفيف للحدة يساعد حتى لا تبقى المواقف متشنجة. لكن، لا نريد اتفاقات خارجية تفرز لنا الرئيس. نريد الرئيس نتيجة التوازنات الداخلية والقوى الداخلية، وليس نتيجة توازنات الخارج وقواه".

وعن دعوة بيان مجلس الأمن الأخير، إلى انتخاب رئيس الجمهورية من دون إبطاء، وتضمينه تعابير أقوى من البيانات السابقة، تدخلاً في شؤون لبنان، أمل باسيل أن "يقول مجلس الأمن الموقف نفسه عن الانتخابات النيابية وألا نسمع أصواتاً دولية، من لبنان أو خارجه، كأنها تؤيد التمديد للمجلس النيابي مرة ثانية، لأن العملية الانتخابية كاملة في رئاسة الجمهورية والبرلمان"، موضحاً أن "من يعطي الأولوية هو النظام اللبناني ولا أحد غيره. وليست الدول، إذا كنا نحترم أنفسنا. للمرة الأولى هناك مناخ ألا يحصل تدخل في شؤوننا"، معتبراً انه "ليس لدى الدول القدرة والنية أن تفرض هذا الشيء. جزء من استقلالية ديبلوماسيتنا ألا تتعاطى الدول بشؤوننا الداخلية، أن تحرص على استقرارنا، كما نفهم ذلك من دون الدخول في التفاصيل. وهذا يجب ألا يكون انتقائياً، ويتناول الرئاسة من دون النيابة".

وأكد باسيل أن "تكتل "التغيير والاصلاح" لم يجرِ أي اتصالات مع أي دولة بخصوص رئيس التكتل العماد عون والرئاسة. هذا لم يحصل وهو موقف مبدئي لا علاقة له بلحظة. نعمل سياسة خارجية للبنان، وليس لتيار سياسي ولا لشخص كبر شأنه أو صغر. عندما نقول للدول ساعدونا، نضع حدود المساعدة لأننا نحافظ على استقلالنا وعلى احترامنا لأنفسنا واحترام الدول لنا. هل يعقل أن نقول للدول تعالوا وتدخلوا في شؤوننا ومن يصبح رئيساً للجمهورية ومن ينتخب نائباً؟ إذا تسألني عنا كفريق آمل بأن يكون الأمر واضحاً".

ولف باسيل الى ان "التكتل يشجع على كل ما تقوم به الحكومة ضمن صلاحياتها وما توجبه الحاجة. ولا نقيّد العمل اللازم. أما ذكرى الاستقلال فهي مناسبة عبّر الجميع عنها. الوزارات الأمنية قامت بدورها، بكلام أو احتفالات. التربية مع الطلاب. السياحة مع السياح. الوزراء جالوا ووضعوا أكاليل. أنا معني بالسلك الديبلوماسي وما قمنا به لا يتخطى صلاحياتنا. وسفاراتنا بالخارج احتفلت بالمناسبة"، متسائلاً "من الذي يقدر على ممارسة السلطة بالنيابة عن الرئيس؟ وإذا افترضنا أن الخارجية تمارس صلاحيات الرئيس، فهناك الحكومة"، معتبراً أن "تعطيل الممارسة في الحكومة تأكيد أنه لا يمكن أحداً أن يمارس صلاحيات الرئيس، لكن الخطأ في موضوع الفراغ أن الدولة قادرة على التأقلم معه، وهذا يدل على هشاشة النظام".

ورأى باسيل ان "لبنان يمكن أن يدفع ثمن الصراع السني الشيعي ويمكنه السعي للحلول لأنه يفهم هذا الصراع ولأنه على أرضه، ولأن السنّة والشيعة يستطيعون الاتفاق في لبنان بمعزل عن الصراع الخارجي. وفي لبنان يستطيع المسيحي أن يلعب الدور التوفيقي، فالساحة لا يتقاسمها السنّة والشيعة كما هو في البحرين أو العراق. المسيحيون يمكنهم لعب دور إيجابي".

واكد باسيل اننا "كتكتل نشجع حوار "المستقبل" - "حزب الله"، موضحاً ان "المسيحيين لم يقوموا باصطفاف كامل مع فريق. أما التيار الوطني فيؤكد دائماً أنه لا يقبل الاصطفاف مع أي من الفريقين. أحياناً تكون هناك خيارات سياسية أقرب إلى فريق وأحياناً إلى فريق آخر، وواجبنا أن نلعب الدور التوفيقي لا أن نسعّر الصراع، وهذا الحوار قد تظهر ايجابيته بمصلحة البلد ومعركة الرئاسة، ليس لدينا أي وهم أو خوف من أن يأتي بنتيجة سيئة، قد يستطيعان الاتفاق على رئيس توافقي لكنهما لا يستطيعان الاتفاق على أمر يعني فريقاً ثالثاً وهناك حدود للقدر الذي هم معنيون به. لذلك، لا أعتقد أن لديهما النية، ولا الرغبة في أن يتفقا على أمر يتخطاهما، كفريقين لديهما رأي في موضوع الرئاسة يقدران، وإذا كان اتفاقهما يمكن أن يحسم الأمر، يظلان بحاجة الى الفريق الثالث"، مشيراً الى أن "حوار التكتل مع "المستقبل" لم يتوقف لكنه لم يعد منتجا".

وعن إبداء رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ تجاوبه مع اقتراح العماد عون النزول إلى البرلمان للتنافس مع العماد عون على الرئاسة، وهل ستتجاوبون، اعتبر باسيل بأن "جوابه إيجابي لكنه غير كاف لأنه معني أن يقبل، وأن يقنع الأطياف التي يؤثر فيها بأن تسير به. إذا وافق هو عليه ونحن، تصبح الغلبة الكبيرة لهذا الاقتراح ويصبح وازناً، لأن البطريركية المارونية لا يمكنها إلا أن تؤيده لأنها مع توافق المسيحيين، وحين يحسم المسيحيون الأمر يذهب إلى التنفيذ لأن المسلمين يقولون فليتفق المسيحيون. أهمية الاقتراح أن نكرّس قاعدة من الآن فصاعداً بأن الاختيار يتم بين الأقوياء عند المسيحيين، وبين الممثلين الفعليين لهم. وغير ذلك لا قيمة له"، موضحاً اننا "لا نمنع أحد من الترشح، لكن في رئاسة المجلس النيابي هل يقدر أحد أن يصل؟ وفي رئاسة الحكومة هل يصل أحد؟ وإذا وصل يخرب البلد".

ولفت باسيل الى ان "وصول رئيس الحكومة تمام سلام كان بالتأييد ولم يكن توافقياً وهذا ما يسعى اليه العماد عون في ملف الرئاسة تماما"، معتبراً أن "درجة تمثيل رئيس حزب "الكتائب" الرئيس السابق أمين الجميل إذا رشحته قوى 14 آذار بدل جعجع تأتي بالمرتبة الثالثة والرابعة، لكنه ليس الثاني. التمثيل عند المسيحيين حسب انتخابات 2009 حدد الأول والثاني. ولو سمحوا بالانتخابات النيابية في 2013 و2014، لكنا قبلنا بالنتيجة. إما ننفذ القاعدة التي تقول إن الطوائف تمثّل بأقويائها في الرئاسات فيعتمد عند المسيحيين كما هو عند السنّة والشيعة، أو أن تقبل بشخص ثالث لا يمثل، فهذا يجب أن يطبق في رئاسة المجلس النيابي ورئاسة الحكومة. إما تسوية على الكل، أو الإتيان بالأقوياء"، رافضاً القول أن "رئاسة نبيه بري للبرلمان لا تعني أنه الأكثر تمثيلاً مقارنة مع قوة "حزب الله"، فهذا خيار لـ "حزب الله" و "أمل" وهذا خيار الشيعة وليس تسوية. لم يسأل الشيعة المسيحيين من تؤيدون ولا السنّة سألوهم أو سألوا الشيعة. كلاهما اختار وفرض وتم احترام خيارهم"، موضحاً اننا "لا نخاف ترشح هنري الحلو بل نرفض أن يتم انتخاب رئيس لا يمثل المسيحيين".

وعن كيفية تعاطي التيار الوطني مع رفض الرئيس بري المشروع الأرثوذكسي لقانون الانتخاب، اكد باسيل "وجود مبدأ واحد هو ضمان المناصفة احتراماً للطائف. القانون الذي يؤمن المناصفة نحن منفتحون عليه للآخر".