بعد تفاقم أزمة ​النفايات​، انكبّ بعض اللبنانيين على إيجاد طريقة لرمي نفاياتهم، فخطر لمجموعة منهم ان ينقلوا نفاياتهم من طرقاتهم ورميها على طرقات الاخرين، واصبحت هذه الفكرة "طريقة عمل" لبعض التجّار الذين يعرضون خدمات إزالة النفايات وتصريفها "على طريقتهم" مقابل بدل مالي.

وفي سياق "التصريف العشوائي" الذي نتحدّث عنه، وُجِدت منذ أيام كميات من النفايات قرب ​نفق شكا​ على الجهتين، فقامت ​بلدية كفريا​ بنقلها الى مكبّها الخاص، ووضعت سواتر ترابية لمنع "مهربي النفايات" من رمي حمولاتهم في المواقع نفسها. وهنا يشير رئيس بلدية كفريا ​يوسف سمروط​، في حديث لـ"النشرة"، الى ان شاحنات محملة بالنفايات رمت حمولاتها تحت جنح الظلام وهربت، لتفاجأ البلدية في اليوم التالي بوجود نفايات مرمية الى جانب الاوتوستراد الدولي الذي يربط البترون بطرابلس، وتحتوي تلك النفايات على مواد طبية ما زالت آثار الدماء عليها، بالاضافة الى أكياس تحذر من مواد بيولوجية خطرة. ويضيف: "نحن كبلدية قمنا فورًا بنقل النفايات الى مكبنا الخاص واغلقنا المواقع التي وجدنا النفايات فيها لاننا نهتم للوجه الحضاري لمنطقتنا"، معبّراً عن أسفه الشديد للحال الذي وصل اليه لبنان بحيث اصبح يتم تهريب النفايات من مكان لآخر بهذه الطريقة.

ويكشف سمروط ان "التدقيق في اكياس النفايات تُعطي دلالة حول هويتها، بحيث تظهر على الاكياس اسماء محلات ومطاعم تقع في منطقتي الرابية وانطلياس". ويقول: "بالاضافة الى كل هذا فقد أوقفت القوى الامنية منذ فترة شاحنة محملة بالنفايات داخل نفق شكا واعتقلت سائقها الذي كان ينوي تفريغ حمولته في مكان ما".

وهنا تشير المعلومات التي حصلت عليها "النشرة" أن الشاحنة الموقوفة تحمل الرقم 336355 م، وسائقها يدعى ط. ع، وهو من سكان عرب الفوار، كذلك تم توقيف ع. ع، من سكان أنفة، وهو التاجر الذي يعرض تصريف النفايات مقابل مبالغ مالية.

ازاء المعلومات التي أدلى بها سمروط، حاولت "النشرة" التواصل مع ​بلدية الرابية​ التي تبين ان رئيسها عصام الشماس خارج لبنان، وعلمت "النشرة" ان اعضاء البلدية يرفضون التعليق على أي اتهام يتعلق برمي نفاياتهم في مناطق أخرى، معتبرين ان الامر كله لا يستحق الرد ولا اساس له من الصحة.

أما في ما يخصّ بلدية انطلياس فتواصلنا مع رئيس الدائرة في البلدية جورج عطالله الذي يؤكد "أن أي شاحنة نفايات لم تخرج من منطقة أنطلياس"، مشيرا في حديث لـ"النشرة" الى ان النفايات مسألة خطرة وبالتالي لا يمكن التعاطي معها بهذه الطريقة التي قد تُشكل خطرا على البلدية. ويشير الى ان اسماء المحال والمطاعم ليست دليلا كافيا لمعرفة مصدر النفايات، خصوصا وأن رواد تلك المحال ليسوا من انطلياس فقط، وبالتالي يمكن ان تكون النفايات من أي مكان اخر.

ويضيف: "نحن لم نتعامل مع متعهّدين يعلمون بهذه الطريقة، ولن نتعامل معهم ان عرضوا علينا خدماتهم لاسباب كثيرة، اولها ان سكان المناطق التي يمكن ان تُرمى فيها النفايات لا يوافقون على مثل هذه الاعمال، كذلك وان وافقوا فإن كلفة النقل والتصريف ستكون مرتفعة جدا نظرا للكميات الهائلة منها، واخيرا لأن واجب الدولة القيام بهذه الاعمال وليس البلدية".

ويشير عطالله الى ان البلدية تعمل على اعداد مشروع يرفع النفايات من الشوارع في حالات مشابهة لما نمر به اليوم وسيتم عرضه على المسؤولين، وهو عبارة عن تجميع النفايات في قطعة أرض تابعة للبلدية وبعيدة عن الاماكن السكنية بشرط ان تقوم الدولة بنقلها الى المطامر عند انتهاء الازمة.

لم يتبنّ أحد النفايات المرمية قرب نفق شكا، فالجميع اعلن تنصله منها، بانتظار نتيجة التحقيقات التي تجريها القوى الامنية مع سائق الشاحنة والتاجر، اذ ان اعترافاتهما ستُظهر من أين أتت والى أين وصلت، وعبر من، الا اذا جرى "طمر" الحقيقة كما تُطمر النفايات!

للاطلاع على ألبوم الصور كاملاًاضغط هنا