تشير كل المعطيات الواردة من دمشق ومن جنيف، كما من الأروقة العربية والغربية على حد سواء، إلى أنّ شهر أيار المقبل سيكون حارًا في سوريا بعد تراجع أسهم الحل السياسي بسبب تعثر الجولة الأخيرة من المفاوضات على حساب عودة العمليات العسكرية الكبيرة الى الميدان بمسعى من الأطراف الدولية لرفع سقفها قبل تحديد موعد الجولة المقبلة والتي لا يبدو محسومًا أنّها ستنطلق بوقت قريب خاصة اذا ظلّ وفد المعارضة الرئيسي متمسّكًا بموقفه المقاطع حتى تحقيق شروطه.
ولعلّ المعلومات التي كشفت عنها واشنطن قبل أيام لجهة تأكيدها و"​حلف شمال الأطلسي​" (ناتو) أن ​روسيا​ زادت وجودها العسكري في سوريا ونشرت مدفعية قرب حلب على رغم إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "انسحاباً جزئياً"، أهمّ مؤشر للتصعيد العسكري المرتقب في سوريا، والذي تؤكد مصادر مطلعة أنّه لم يبدأ بعد وقد ينطلق خلال ساعات بعد عودة وفد النظام السوري المفاوض من جنيف.
والأهم ما تكشفه المصادر عن دور صيني في سوريا سيتبلور أكثر خلال الشهر المقبل الذي تؤكد أنّه سيكون "حارا" بخلاف ما تردد عن حرارة سيشهدها لبنان نتيجة حرب اسرائيلية، مؤكدة أن "الأنظار ستبقى متجهة الى سوريا، والوضع اللبناني سيبقى على ما هو عليه بالرغم من كل الضغوط التي تُمارس على أكثر من صعيد للعبث باستقراره". وتضيف: "نحن بصدد مفاجأة من العيار الثقيل، لكننا حتى الساعة لا يمكن أن نجزم بحجم التدخل ​الصين​ي في سوريا، الا كل المعلومات تؤكد أنّه حاصل ونحن ننتظر وصول أولى الطلائع للحديث عن تفاصيله".
ويتزامن ما كشفته المصادر مع ما تردد قبل يومين عن وصول 5000 عنصر من قوات النخبة الصينية الى الداخل السوري، وهو ما لم تلحظه المعارضة السورية حتى الساعة، كما تؤكد مصادرها.
وليس الحديث عن تدخل صيني في سوريا بالأمر الجديد بالمطلق، باعتبار أنّه وفي ايلول الماضي تحدثت تقارير عن دخول حاملة الطائرات الصينية "لياونينغ" إلى ميناء طرطوس السوري، وهو ما لم يؤكده أي من الأطراف. الا أن تعيين بكين منتصف الشهر الحالي مبعوثًا خاصًا بالأزمة السورية طرح أكثر من علامة استفهام حول الدور الصيني المرتقب.
وكشفت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ان ​شي شياو​ وهو سفير سابق لبكين في إيران وعين مبعوثا خاصا بسوريا الشهر الماضي شارك في الجولة الأخيرة من محادثات السلام بجنيف على أن يتوجه إلى سوريا والسعودية وإيران وروسيا.
وفيما تصر بكين التي استضافت قبل فترة مسؤولين سوريين كما آخرين من المعارضة السورية على الحديث عن دور وفاقي تحاول أن تلعبه في مسار الحل السياسي للأزمة السورية، لا يبدو أن هذا الدور سيقتصر على الدفع السياسي بل سيتخذ طابعا عسكريا، وهو ما ألمح اليه المبعوث الصيني نفسه حين أثنى على الدور العسكري الروسي في الحرب السورية وقال إنه يتعين على المجتمع الدولي تعزيز العمل المشترك لهزيمة الإرهاب في المنطقة.
وفيما يتطلع النظام السوري و"حزب الله" بكثير من الحماسة للمشاركة الصينية بالحرب السورية، يبدو أنّهما لا يزالان يفضلان عدم الدخول في مراهنات غير محسومة وبالتالي الافراط بالتفاؤل حتى التماس خطوات عملية في هذا الاتجاه.
بالمحصلة، سواء دخلت بكين فعليا بالصراع الدولي المحتدم في سوريا أو قررت في اللحظات الأخيرة الاكتفاء بلعب دور الوسيط، فإنّ ما يمكن جزمه هو بأن الأيام المقبلة ستكون صعبة في سوريا مع ارتفاع حدة المعارك وخاصة في حلب، وسط معلومات عن اتساع رقعة الاشتباكات مجددا لتشمل معظم الأراضي السورية بعد انهيار الهدنة.