أغلق في الأول من شهر كانون الأول من العام المنصرم ملف العسكريين الرهائن لدى تنظيم "​جبهة النصرة​"، فعاد الأحياء منهم إلى كنف الوطن وأحضان أهلهم، ونام من استشهد منهم في تراب وطنهم بعد استشهادهم أثناء فترة الاختطاف. وظنّ الجميع أنّ ملف هؤلاء قد طُوي وبقي لدى الدولة ملف الرهائن لدى تنظيم "داعش"، إلا أن ثأر آل حمية لابنهم الشهيد محمد لم يغلق.

عند تشييع قرية طاريا للشهيد حميّة، وقف الوالد ​معروف حمية​ أمام جثمان ولده ليؤكد أمام الجميع أن ثأره هو لدى آل الحجيري، وقال "نعرف كيف نأخذ حقنا ونقول لأهلنا آل حمية وأقربائنا ممنوع التعرض لأي سوري، ولأي مواطن من بلدة عرسال من آل الحجيري أو أيّ سنيّ في المنطقة، حقنا عند ​مصطفى الحجيري​ "أبو طاقية" ورئيس البلدية علي الحجيري "أبو عجينة"، ومن قام بالجريمة سيدفع ثمنها".

ظنّ الجميع أن كلام الأب المفجوع على ابنه هو كلام غضب لن يتحقق، حتى استفاق العرساليّون اليوم على نبأ اختطاف ​محمد الحجيري​ ابن اخ الشيخ مصطفى الحجيري "أبو طاقية"، قبل ان يعلن عن العثور على جثّته بالقرب من قبر الشهيد حمية. وأعلن معروف حمية والد الشهيد أنه هو من قام بهذه العملية للثأر لدم ابنه مؤكداً أن الحساب لم يغلق بعد.

وفور اعلان "الثأر لدماء الشهيد"، ظهر في جولة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي الانقسام بين اللبنانيين حول احقيّة آل حميّة في الثأر، ففي حين تضامن البعض مع آل حمية، استنكر البعض الآخر هذه العملية مؤكّدين أن القصاص هو مهمة الدولة.

القسم الأول من رواد مواقع التواصل الاجتماعي اعتمدوا وسمي "#معروف_حمية" و"#تحية_لبيت_حمية" لتأكيد تضامنهم مع ما قام به الوالد المفجوع بابنه. وبرر أحد الأشخاص أنه "حينما تقبل الدولة طلب ترشيح للانتخابات البلدية في عرسال ويحصل فيه القتلة على سجل عدلي مدون فيه "لا حكم عليه" هكذا يأتي الحكم". واعتبر آخر أن "هذه المرة كان الثأر مباركاً وليس مدعاة للخجل"، مؤكداً أن "الثأر هذه المرة ليس تخلفاً بل فخر لآل حمية أولاً ولأهل البقاع ثانياً ولكل صاحب حق ضائع".

وعزا هذا القسم من اللبنانيين هذه العملية لفشل الدولة في معاقبة المجرمين والمتورطين بقتل شهداء الجيش اللبناني، مؤكّدين أنه "حينما تترك الدولة قتلة اولادنا يسرحون ويمرحون، ينفّذ الرجال العدالة بأنفسهم".

في المقابل، برز عدد من الناس الرافضين لعملية "الثأر" واعتمدوا وسم "#القاتل_مجرم"، حيث استنكروا ما قام به معروف حمية، مؤكدين أن العقاب يصدر عن الدولة فقط. ورأى هؤلاء أن "هذا العمل هو شبيه لما يقوم به تنظيم "داعش"، لافتين إلى أن "قانون الثأر هو قانون الغاب فمن اعترض على عدم ملاحقة الدولة لقتلة الشهيد ها هو يزيد من تهميش الدولة والاعتداء على هيبتها".

إذا، بنتظار التعليق الرسمي من الدولة اللبنانية على ما قام به معروف حمية، يبقى هذا الوالد الذي استشهد ابنه، بطلاً بعين جزء من اللبنانيين، ومجرماً بنظر آخرين. فماذا سيكون تأثير عملية الثأر هذه على الحدود الشرقية، وهل ستنعكس على ملف العسكريين الرهائن بقبضة تنظيم "داعش"؟