جنب الإتفاق بين رئيس "تيار المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ ورئيس حركة "الإستقلال" ​ميشال معوض​، حول الإنتخابات البلدية في ​قضاء زغرتا​، المنطقة معارك سياسية قاسية، في ظل الخصومة التاريخية المعروفة بين الجانبين، والتي تكون عادة حاضرة عند كل إستحقاق.
المبادرة التي إنطلقت من "المردة" سارعت "الإستقلال" إلى التجاوب معها، لكنها لم تتوقف عندهما، بل شملت أيضاً كلاً من "التيار الوطني الحر" وحزب "​القوات اللبنانية​" في أغلب الأماكن، خصوصاً أن الأخيرين ينسقان مع بعضهما البعض في كل المناطق اللبنانية، نتيجة إتفاق معراب بينهما، فعمل معوض على التنسيق مع "القوات"، في حين طغت الخلافات على العلاقة بين "المردة" و"الوطني الحر"، التي تعود إلى التباين والتنافس حول الملف الرئاسي، وتظهر بشكل لافت في ​مدينة زغرتا​.
حول هذا الموضوع، تشير مصادر حركة "الإستقلال"، عبر "النشرة"، إلى أن بنية التفاهم إنطلقت من نية مشتركة بتحييد زغرتا عن أي معارك عبثية ترتد سلباً عليها على مستوى الإنماء، وتؤكد أنه يقوم على قاعدة الحفاظ على التعددية في القضاء.
وتشرح هذه المصادر أن قنوات التواصل واللقاءات التي كانت قائمة بين الجانبين، لا سيما عبر ​طوني فرنجية​، أوصلت إلى ما هي الأوضاع عليه اليوم، وتضيف: "على هامش عشاء طرح فرنجية إمكانية التوافق فكان رد معوض إيحابياً".
وتوضح هذه المصادر أن هذا التفاهم أو التوافق شمل أغلب البلدات والقرى، في حين ترك الخيار إلى العائلات، بعيداً عن الصراع السياسي، في الأماكن التي لم ينجح فيها، خصوصاً أن لا مصلحة لأي فريق بالدخول في معركة "كسر عظم"، وبالتالي نجح الجانبان في تحييد القضاء عن الصراع السياسي القائم في البلد، وفي منع تحويل زغرتا إلى صندوق بريد لتبادل الرسائل السياسية.
بالنسبة إلى "الوطني الحر"، تؤكد مصادره، عبر "النشرة"، أنها ليست ضمن التوافق القائم في مدينة زغرتا (21 عضواً)، بسبب الشروط التي حاول "المردة" فرضها على التيار، لناحية الربط مع إنتخابات البترون والكورة، وتشير إلى أن هذا الأمر كان مرفوضاً من قبلها، حيث كان المطروح من جانب "المردة" الحصول على مختار في البترون، فاز نتيجة التفاهم السابق في العام 2010، وتضيف: "عضو بلدية بالناقص أفضل من أن تفرض علينا شروط".
إنطلاقا من هذا الواقع، كان خيار "الوطني الحر"، في القرى والبلدات التي لم يشملها التوافق، دعم اللوائح التي قد تكون محسوبة على "الإستقلال" أو "القوات"، على عكس الواقع الذي كان قائماً في العام 2010، مع العلم أن أغلب البلديات يطغى عليها التوافق بين الأفرقاء الأساسيين.
من جانبها، تضع مصادر "القوات"، عبر "النشرة"، ما يحصل في قضاء زغرتا في سياق سياسة اليد الممدودة والسعي إلى تحقيق التوافق من أجل إنجاح العمل الإنمائي، حيث تم التجاوب مع خيار "المردة" التوافقي، وتؤكد بأن معوض كان ينسق خطواته معها بشكل تام.
وتؤكد هذه المصادر أن "القوات" كانت في صلب التفاهم على البلديات، منذ اليوم الأول، حيث كان النقاش في واقع كل بلدة بحسب الخصوصية التي تكون لها، وتشير إلى التنافس الحاصل في بعض الأماكن ذو طابع عائلي إنمائي بالدرجة الأولى، خصوصاً بعد تقليل التنافس السياسي إلى حدوده الدنيا، وتشدد على أن هذا التفاهم يسجل له النجاح في الوصول إلى تفاهمات إنمائية جيدة جداً.
نتيجة هذا التوافق فازت بعض المجالس البلدية بالتزكية، منها: كفرحاتا (9 أعضاء)، بنشعي (9 أعضاء)، حارة الفوار (12 عضواً)، كفرياشيت (9 أعضاء)، في وقت تستمر فيه المساعي للوصول الى هذا الخيار في بلدات أخرى، لا سيما تلك التي لا تشهد منافسة سياسية أو عائلية حامية، أي التي ستكون فيها النتيجة شبه محسومة، إلا أن هذا لا يمنع وجود معارك في بعض الأماكن، لا سيما في رشعين (15 عضواً)، أردة وحرف أردة وبيت عوكر وبيت عبيد (15 عضواً)، كفرصغاب (15 عضواً)، تولا الجبه واسلوت (9 أعذاء)، مرياطة والقادرية (15 عضواً)، عشاش (9 أعضاء)، ايطو (9 أعضاء)، عينطورين (9 أعضاء)، مزرعة التفاح (9 أعضاء).
في رشعين، تكون المنافسة عادة سياسية قاسية، وتوصف بأنها "أم المعارك" في القضاء، لكن في الدورة الحالية المنافسة ستكون بين لائحتين: الأولى مدعومة من توافق "المردة" و"القوات" و"الإستقلال"، أما الثانية فهي تضم مستقلين، في حين أن "الوطني الحر" موجود على اللائحتين.
أما في أردة وحرف أردة وبيت عوكر وبيت عبيد، فالتوافق لم ينجح في فرض نفسه على واقعها، حيث ستكون المنافسة ذات طابع عائلي بين لائحتين، بالرغم من بعض الملامح السياسية فيها.
وكذلك في بلدة كفرصغاب (15 عضواً)، المنافسة ستكون ذات طابع عائلي بشكل أساسي، لكنها لا تخلو من العامل السياسي، بسبب المرشحين على رئاسة البلدية في اللائحتين، حيث هناك رئيس لائحة مدعوم من "المردة" وآخر مدعوم من "الوطني الحر".
في تولا الجبه واسلوت، كان من المفترض أن ينسحب التوافق عليها، أي بين "المردة" و"الإستقلال"، لكن الوضع فيها لم يحسم بعد بشكل نهائي.
في علما (12 عضواً)، تكون الأمور عادة متروكة إلى المرشح لرئاسة الجمهورية الوزير السابق ​جان عبيد​، الذي كان يتحالف في الدورات السابقة مع "المردة"، مقابل لائحة تكون مدعومة من "الإستقلال"، لكن في الدورة الحالية هناك لائحة توافقية بين عبيد و"المردة" و"الإستقلال" و"القوات" بوجه بعض المنفردين، إلا أن العمل قائم من أجل تأمين فوز اللائحة التوافقية بالتزكية.
في مزيارة وحرف مزيارة وحميص (15 عضواً)، تتحدث أوساط مقربة من "الوطني الحر" عن دور لرجل الأعمال جيلبير شاغوري في فرض التوافق فيها، وتشير إلى أنه يدعم لائحة تضم 2 ملتزمين بالتيار و3 من المؤيدين له، بالإضافة إلى "القوات" و"المردة" و"الإستقلال"، مقابل مجموعة من المستقلين أرادوا الدخول في المنافسة، إلا أن العمل قائم من أجل تأمين فوزها بالتزكية.
في مرياطة والقادرية، ذات الأغلبية السنية، المعركة ستكون كبيرة بين 3 لوائح، لكن طابعها عائلي أكثر مما هو سياسي، والقوى السياسية موزعة على اللوائح الثلاث.
وفي عشاش، المنافسة ستكون عائلية بين لائحتين، لكن الطابع السياسي أيضاً ليس بعيداً عنها، وفي عينطورين المعركة عائلية أيضاً.
أما في ايطو، فالمنافسة ستكون بين لائحة مدعومة من التفاهم القائم على مستوى القضاء برئاسة شخص من "القوات"، مقابل أخرى مدعومة من رئيس إتحاد البلديات السابق طوني سليمان، والصيغة نفسها ستكون قائمة في مزرعة التفاح.
في المحصلة، نجح التفاهم بين "الإستقلال" و"المردة" في إبعاد المعارك السياسية، لكنه لم يمنع وجود معارك في بعض القرى والبلدات، تؤكد مصادر الجانبين أنها ذات طابع عائلي لا تنافسي بينهما، إلا أن الرسالة الأبرز تبقى تكريس التباعد بين "المردة" و"الوطني الحر"، بالرغم من أن حضور الأخير على مستوى القضاء لا يعد كبيراً.