هلّل تيار "المستقبل" عندما أثمرت الإتصالات المحليّة والإقليمية توافقه مع رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ على لائحة بلديّة واحدة مدعومة من الوزيرين السابقين فيصل كرامي ومحمد الصفدي، كيف لا، وهو الذي تعمّد منذ بداية المفاوضات المرونة وتقديم التنازلات، كل ذلك بهدف تفادي الخسارة المتوقّعة أمام ميقاتي وحلفائه. تهليل التيار الأزرق عاد وتكرّر أيضاً عندما ترشح النائب السابق مصباح الأحدب الى رئاسة البلدية، معلناً عن تشكيل لائحة مستقلة ستبصر النور خلال الساعات القليلة المقبلة، وكيف لا يهلل الفريق المستقبلي ثانيةً، وهو بأمس الحاجة الى فوز طرابلسي لا تزكية حتى لو كان بفضل ميقاتي الذي أقامت له جماهير آل الحريري يوم غضب طرابلسي إستفاق فيه المارد السنّي، بمجرد أن قبل ميقاتي تشكيل الحكومة بعد إسقاط حكومة النائب ​سعد الحريري​. وكيف لا تهلل قيادة "المستقبل" للتوافق الذي سيسمح لها مساء الأحد بالقول للرأي العام السني "لقد فزنا في عاصمة لبنان الثانية، في عاصمة الطائفة السنية، في عاصمة الشمال، وقلعة المسلمين". كيف لا تهلل قيادة التيار الأزرق والفوز الطرابلسي سيتحقق من دون الإضطرار الى دفع الأموال، بوجه الإمبراطورية الماليّة الضخمة لآل ميقاتي، وفي عزّ الأزمة المالية لآل الحريري.

على رغم حجم التهليل المستقبلي وأسبابه التي جعلت رجال التيّار في طرابلس يفكّرون بالإحتفال المنتظر بعد الفوز، كل ذلك قبل فتح صناديق الإقتراع بأيام، هناك من أهل البيت من جاء ينغّص هذه الفرحة، فوزير العدل المستقيل ​أشرف ريفي​، الذي لم يعيّن مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي إلا بموافقة الحريري، ولم يدخل السراي الحكومي من بابه الوزاري إلا من حصّة تيّار المستقبل، جاء لكسر كل الضغوط التي مورست عليه من الداخل والخارج.

وفي المعلومات تلقى وزير العدل المستقيل أكثر من إتصال يطلب منه بصراحة عدم خوض المعركة الإنتخابية الطرابلسية ضد لائحة التوافق، ومن بين هذه الإتصالات إتصال دبلوماسي رفيع المستوى. إتصالات وطلبات تعامل معها الوزير المتمرّد على تياره بسلبيّة، رفض عدم التدخل في المعركة، ورفض أيضاً عدم دعم أي لائحة ضد أخرى، معلناً من التلّ وبخطاب ناري ألقاه خلال جولة إنتخابية حاشدة، دعمه لائحة قرار طرابلس. ولأن ليس بإمكان ريفي أن يغرف من صحن أصوات ميقاتي وكرامي أو الصفدي، بل أن ضرره الإنتخابي لن يكون حصراً إلا على تيّار "المستقبل"، نُغّصت فرحة التيار، و"باتت قيادته مضطرة الى خوض معركة إنتخابية من العيار الثقيل، قد تجبر القيادة الزرقاء على تحريك حساباتها المصرفيّة"، يروي المتابعون، "كل ذلك كي تقول بعد فرز أصوات عاصمة الشمال إن تمثيلها في الصناديق المحسوبة تاريخياً عليها، لم يتغيّر، ولن يستطيع ريفي أو غيره أن يمس بهذا التمثيل الوفي".