توالى على حكم امارة ​البحرين​ آل خليفة، والتي حوّلها الملك حمد بن عيسى الى مملكة بعد وفاة والده الشيخ عيسى بن حمد آل خليفة في العام 1999 بعد حكم دام 66 سنة، وتعد من الدول الخليجية التي يتمتع شعبها، معارضة وموالاة وحكام، بالطيبة وبعلاقات صداقة مع جميع الدول العربية.

شعب البحرين اليوم الذي يتكون من اكثرية شيعية تأتي بعده الطائفة السنية وفيه مجموعة يهودية صغيرة لا تتعدى أصابع اليد، عين الملك سيدة منها سفيرة لبلاده في واشنطن.

البحارنة هم سكان الجزيرة الشيعة، وشهدت العلاقات بينهم وبين آل خليفة فترات من المواجهة وأُخرى من التفاهم، فرضتها ظروف اقتصادية وتحولات خارجية، انتهت باستتباب الحكم لآل خليفة.

وسادت علاقات جيدة بين البحارنة وآل خليفة وشارك عدد من وجهاء الطائفة الشيعية في الحكم وكان ولا يزال عدد منهم وزراء في الحكومة البحرينية، وأعلنوا ولاءهم للحكام الجدد.

لكن هذا الوضع تبدل في العام 1981 مع محاولة فاشلة قامت بها جمعية مسلحة تدعى "الجبهة الاسلامية لتحرير البحرين"، لاغتيال افراد العائلة الحاكمة، وهم يجرون مراسم دفن احد افرادها، وذلك بعد عامين من مجيء الإمام الخميني الى الحكم ورفعه شعار تصدير الثورة الاسلامية.

من هنا بدأت المخاوف والشكوك تساور حكام المملكة حول نوايا بعض الذين يخططون لقلب الحكم في البلاد.

وشهدت البحرين منذ هذه الحادثة حوادث شغب واضطرابات استمرت الى يومنا هذا، لكن مع تحويل البحرين من إمارة الى مملكة في العام 2002، مرت البلاد بفترات تفاهم بين آل خليفة والمعارضة الشيعية، ووافق المواطنون على دستور جديد، وحصلت زيارات لملك البحرين الى وجهاء الشيعة وخاصة العلماء في منازلهم، وافرج عن جميع المعتقلين من المعارضة، كما حصلت انتخابات نيابية شاركت فيها ​جمعية الوفاق​ الوطني التي يرأسها رجل الدين الشيعي الشيخ علي سلمان، الذي هو قيد الإعتقال.

ولم تكن السفارات الأجنبية وخاصة السفارة الأميركية في المنامة بعيدة عن هذا الإصلاح السياسي الذي حصل في البحرين.

وكانت الدول الخليجية وخاصة المملكة العربية السعودية من المشجعين للتقارب والتفاهم الذي حصل بين المعارضة البحرينية وآل خليفة، والذي أدى الى ما أدى اليه من ارتياح، مع تعيين رمز من رموز المعارضة كان يقود حملة ضد النظام في إنكلترا وزيرا في حكومة رئيس الوزراء الشيخ خليفة (الامير خليفة)، وهذا لقبه الجديد بعد تحويل البحرين الى مملكة.

وتولى ولي العهد الجديد الامير سلمان بن حمد آل خليفة نسج علاقات جيدة مع وجهاء الطائفة الشيعية، حيث كان هؤلاء يعرضون للمشاكل التي كانوا يواجهونها مع رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة الذي تولى هذا المنصب منذ العام 1971.

وترى مصادر دبلوماسية خليجية ان الازمة في البحرين اليوم هي من اخطر ما واجهته هذه الجزيرة من أزمات، مشيرة الى ان العوامل الخارجية، وقيام الجمهورية الاسلامية في ايران، تعد بالاضافة الى العوامل الاقتصادية والاجتماعية، من اهم الاسباب التي أوصلت البحرين الى ما هي عليه اليوم.

وترى هذه المصادر ان خروج البحرين من أزمتها السياسية يمر بعوامل عدّة أهمها:

1- يجب ان ترفع ايران يدها عن المملكة وتكف عن تدخلاتها مع المعارضة الشيعية الناشطة، وفي طليعتها جمعية الوفاق الوطني والعلماء ومن بينهم الشيخ عيسى قاسم، كما من الضروري تحييد هذه الجزيرة عن الصراع ال​إيران​ي-السعودي.

2- ان يدرك حكام البحرين ان الإصلاحات الجذرية اصبحت ضرورية وأهمها توسيع صلاحيات المجلس النيابي ليشمل حقه في مراقبة الحكومة ونزع الثقة عنها، وإشراك المعارضة في الحكومة، وإقامة عدالة اجتماعية تشمل حقّ جميع سكان البحرين في تولي مناصب في الجيش والشرطة والإدارة.

3- على القوى السياسية المعارضة ان تثبت لحكام البحرين، كما تقول دائما انها لا تريد قلب النظام، بل تسعى للحصول على دور سياسي وتكوّن شراكة مع آل خليفة في الحكم، لا بديلا عنه.

4- البحرين اليوم بحاجة الى مساعدة دول الخليج والدول العربية لرأب الصدع بين المعارضة والحكومة، قبل ان تتعمق الخلافات بين المؤيدين للنظام والمعارضين له، وتتحول الى صراع سني-شيعي بكل ما يمكن ان يحمله مثل هذا التحول من تداعيات كارثية على الجميع.

وتعتقد المصادر انه مع صعوبة تحقيق هذه النقاط، لا يزال هناك فرص كبيرة، امام حكام البحرين والمعارضة لتفادي انهيار الاوضاع بشكل يخسر فيه الجميع ما كانت تتمتع به المملكة من وفاق وامان.

وتختم المصادر نفسها بأنه اذا ما أفرزت الازمة الراهنة وضعا يجعل البحرين جزءًا من الصراع الإقليمي وخاصة بين السعودية وإيران، فانه لا يمكن لأحد التنبؤ بمستقبل هذه الجزيرة الصغيرة.