وكأن طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، لم يكن يكفيها ما يعانيه ممثلها في الأجهزة الأمنية اللواء جورج قرعة من إستهداف وحصار مالي لجهاز أمن الدولة الذي يرأسه، حتى ضربتها ومن دون إنذار مسبق، أزمة من نوع آخر تفوق بحجمها وتداعياتها أضعاف أضعاف مشكلة اللواء قرعة مع نائبه العميد ​محمد الطفيلي​. إنها المعركة التي فتحت على مصراعيها داخل البيت الكاثوليكي للإطاحة ببطريرك إنطاكيا وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم ​غريغوريوس الثالث لحام​ وإسقاطه عن كرسيه ولو عن طريق الضغط الذي نشهده عادة على الحلبات السياسية لا الدينية. أزمة نزلت نزول الصاعقة على البيت الكاثوليكي، كيف لا وحجم السجالات المفتوحة بين الفريقين، أي فريق لحام وفريق المطارنة المنتفضين ضده بقيادة راعي أبرشية بيروت وجبيل المطران كيرللس بسترس، وصلت الى حدود الإتهامات بهدر أموال الطائفة، وبيع أراضيها، كل ذلك عبر وسائل الإعلام. أزمة لن يتمكن الفاتيكان من الوقوف متفرّجاً عليها بحسب مصادر روحية متابعة، خصوصاً أن الكرسي الرسولي أقحم في حرب السجالات الإعلامية الدائرة بين الفريقين. وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أن الفريق المعترض على لحام يسوّق في مجالسه وجلساته التي يعقدها، لرواية أن "رئيس المجمع الشرقي الكاردينال ليوناردو ساندري، كان موافقاً على خطة عدم تأمين نصاب سينودوس الأساقفة الكاثوليك الذي عقد في دار البطريركية في عين تريز الإثنين الفائت، وذلك بهدف الضغط على لحّام وإظهاره عاجزاً عن تأمين النصاب، علّه يقتنع بعد ثلاثة أشهر من المفاوضات بدعوة السينودوس من جديد للإستقالة بهدوء وإنتخاب بطريرك يخلفه على كرسي إنطاكيا وسائر المشرق". في المقابل، ينفي المطارنة المتمسّكون بالبطريرك لحام رواية الفريق الآخر، كاشفين عن رسائل إلكترونية وردتهم من الفاتيكان وتحديداً من الكاردينال ساندري، "يتمنى فيها الأخير من جميع المطارنة والأساقفة حضور السينودوس وتأمين النصاب للتشاور وحلّ كل المشاكل التي تعاني منها إدارة الطائفة بهدوء وداخل أروقة البيت الواحد، حتى أن ساندري أجرى سلسلة إتصالات مع عدد من المطارنة لهذه الغاية".

أمام ما يتسلح به المطالبون باستقالة لحّام من كلام عن موافقة فاتيكانية على تطييره، وما يتمسك به داعمو البطريرك من معلومات تتحدث عن أن الفاتيكان لم ولن يطلب من أي مطران الدخول بلعبة النصاب للضغط على "سيدنا لحام" وتطييره من منصبه، مع ما يحمله هذا التوجه في طيّاته وفيما لو كان صحيحاً، من ضرب لموقع البطريرك وهيبته بغض النظر عن الشخص الذي يشغل هذا المنصب، ترى فعاليات الطائفة أن ​البابا فرنسيس​ مطالب وأكثر من أي وقت مضى بالتدخل السريع لوضع حد لهذه الأزمة، ووقف السجالات الإعلاميّة المفتوحة على مصراعيها بين المطارنة وفريق البطريرك، كل ذلك على قاعدة أن الكنيسة الكاثوليكية التي تعاني ما تعانيه في السنوات الأخيرة من قتل وتهجير وإضطهاد منظم، أكان في العراق أو في سوريا والأراضي المحتلة فمصر، لا يجب أن تعمل بنفسها على هدم إحدى أعرق كنائسها في المنطقة، كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك!

في الخلاصة، سينجح الفاتيكان في رأب الصدع الحاصل على صعيد الاكليروس الكاثوليكي، بغضّ النظر عن الطريقة والأسلوب، إذ أن مركزيّة الكنيسة الكاثوليكيّة العالميّة لن تسمح بالانهيار لأيّ سبب كان.