يستذكر احد السياسيين اللبنانيين واقعة سأل فيها احد الصحافيين الأجانب رئيس الحكومة الراحل الشهيد ​رفيق الحريري​ "كم هو حجم ثرواتكم؟" فأجابه: "قبل السؤال او بعده؟"

ويقول مراقبون ان الحريري الأب كان يبدأ نشاطه في الخامسة صباحا، وكان اول الوافدين الى الشركات التابعة له، وعلى دراية بعمل كل موظف، وبكل شاردة وواردة داخل مؤسساته.

ويتابع هؤلاء ان الشهيد كان سخيا، ولم يبخل على احد، ويلاحق تفاصيل التفاصيل، ويقيم علاقات جيدة مع جميع العاملين لديه، ولم يكن يتسامح مع الفاشلين او الذين يخطئون في عملهم.

اما علاقاته مع كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية من رأس الهرم حتى آخر أمير، فكانت علاقات احترام متبادل وود وصداقة.

في لبنان تحمل الكثير وركّز جهوده للمحافظة على التوازن بين الجميع، ولم ينسَ حزب الله وامينه العام السيد حسن نصرالله، حيث كان هناك صراحة وتبادل في وجهات النظر لمنع البلاد من الانزلاق نحو اي فتنة، وهو الذي جال في عواصم العالم وأقنعها باتفاق نيسان الذي رفع الضغوط والأخطار عن هذه المقاومة.

وكان رفيق الحريري بموازاة ذلك حريصا جدا على لبنان ومكانته وعلاقات هذا البلد مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج والعواصم الغربية والعربية.

اليوم بماذا يمكن لنجله رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ ان يجيب اذا ما طرح عليه السؤال الذي طرحه الصحافي الأجنبي على والده؟

يقول المراقبون لقد كتب الكثير عن غياب سعد الحريري عن لبنان وما زالت الشائعات تتردد عن وضعه السياسي والمالي وعن علاقاته مع السعودية والامراء اصحاب القرار في المملكة.

ويلفتون الى ان مؤيديه وانصاره قبل غيرهم متشوقون لمعرفة ماذا يدور في بيت الوسط، وما هو جواب ورؤية سيده حول ما قيل ويقال عن أوضاعه؟

وترى مصادر نيابية وسياسية ان المرحلة الراهنة باتت تتطلب جوابا واضحا من سعد الحريري حول امور عدة ومهمة وفي مقدمها:

1- متى وكيف سيتم إنصاف جميع العاملين في مؤسساته ودفع رواتبهم المتأخرة، خصوصًا وان زياراته وتنقلاته ونشاطه الانتخابي لا توحي بصدقية كل الشائعات من ان الرجل يعاني من أزمة مالية، مشيرة الى ان الجماهير ستزيد تعلقها بزعيمها اذا ما صارحها بكل الامور، بدل ان تبقى مشوشة وتتأرجح في خضم ما يقال وينشر.

2- الى اين وصلت علاقاته الشخصية بالمملكة العربية السعودية، وما هي حقيقة خلافاته مع بعض وجوهها، وما هي الاسباب التي أدت الى خلافه مع وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي؟ وهل هناك أساس لما يتردد بان الرياض تخلت عنه وان كان يؤكد في كل خطاب له حرص المملكة على لبنان واستقراره وأمنه؟

3-لماذا لم تتجاوب السعودية بعد، مع مواقفه المناهضة لإيران وحزب الله، والعداء الذي يكنّه للرئيس السوري بشار الأسد، والتي تعكس الموقف الرسمي للرياض؟

4-غياب التوضيحات المطلوبة من زعيم تيار المستقبل على كل هذه النقاط يجعله مفاوضا ضعيفا في كل الملفات المطروحة على الساحة اللبنانية، ابتداء من الاستحقاق الرئاسي مرورا بامكانية توليه رئاسة الحكومة.

وتشير المصادر نفسها الى ان عدم تحلّي الحريري بالجرأة لكشف جميع هذه الملابسات، لن تكون عاملا مساعدا في ترتيب بيت المستقبل عبر المؤتمر الذي ينوي عقده ليؤسس للمرحلة المقبلة، وليثبت انه الزعيم الأوحد لتياره، وان توليه رئاسة حكومة لبنان في عهد الرئيس الجديد للجمهورية أمر ليس بعيدا.