قُضِي الأمر. قال مجلس شورى الدولة كلمته المطابقة لموقف وزارة الداخلية من اللوائح اللمّاعة Laminated المُستخدمة في انتخابات جزين البلدية. أعاد المجلس الذي يؤمن اللبنانيون بصدقيّته وشفافية عمله الروح الى جزين التي تعيش بلا بلديةٍ منذ شهرٍ وثلاثة أيام.

أجدى الطعنُ الذي تقدّم به خليل حرفوش، رئيس البلدية السابق ورئيس اللائحة الفائزة بأكثريّة المقاعد، بعدما التمس “الشورى” رأي وزارة الداخلية الرافضة في الأساس استخدام لوائح تُلزِم حامليها بتسقيطها كما هي في الصناديق الاقتراعية من دون منحهم هامشًا للتشطيب أو تغيير المعادلة. تلاشى مُخطّط آل الحلو المحسوبين في الأساس على الرابية، وأُحرِج أهالي عين مجدلين التي تنتخب مع جزين في بلديّة واحدة بعدما ألغي العدد الأوفر من أصواتهم في الطعن مع أصوات جزينيين آخرين ممن استخدموا الأوراق المطعون في شرعيتها والتي قد يلامس عددها التقريبي 250 ورقة على ما علمت “البلد".

قلب المعادلة

250 صوتًا ستكون كفيلة بقلب المعادلة الرقمية رأسًا على عقب، ولعلّ أولى ثمارها عودة خليل حرفوش الى عضوية البلدية تمهيدًا لترؤّسه ولاية جديدة في بلدية جزين-عين مجدلين تدوم هذه المرة ستّ سنواتٍ كاملة بعدما تنعّم بثلاث سنواتٍ في الولاية السابقة بسبب خلافٍ بين ابناء البيت الواحد (التيار الوطني الحرّ) على تقاسم الرئاسة. حتى الساعة لم تخرج نتيجة الطعن الى النور أقله رسميًا وإن كانت كلّ الأجواء والمعلومات تشير صراحةً الى قبوله، على أن يُنشَر على ما علمت “البلد” في الجريدة الرسمية الخميس المقبل كحدٍّ أقصى، تليها فترة بروتوكولية قصيرة للاعتراض في حال وُجِد، يلتئم بعدها المجلس البلدي بحلّته الجديدة التي أفرزها قبول الطعن ليصوّت على الرئاسة المرجّح ذهابُها بنسبةٍ كاسحة لصالح حرفوش وفق ما هو مُتفق عليه في الأساس بين التيار الوطني والقوات اللبنانية والعائلات الداعمة للائحة “نحنا لجزين".

المشهدية الجديدة!

كيف ستغدو مشهدية بلدية جزين بعد صدور الطعن رسميًا؟ من باب التذكير، أفرزت نتائج الانتخابات البلدية في المدينة فوز 14 عضوًا من لائحة “نحنا لجزين” لم يكن خليل حرفوش بينهم بفارق أصوات ضئيل جدًا، مقابل خرق 4 أعضاء من اللائحة المنافسة والمدعومة من المحامي ابراهيم عازار نجل النائب السابق سمير عازار، ولم يشمل هذا الخرق أيضًا دخول رأسَي اللائحة اللذين كان متفقًا على تقاسمهما البلدية بمعدّل ثلاث سنواتٍ لكل منهما في حال فوز لائحتهما. خلط طعن حرفوش كلّ الأوراق وسيفرض إعادة فرز للصناديق المشكوك في شرعيتها ليعود على أساسها الى مصاف الفائزين مع ثلاثة آخرين مقابل خروج اثنين من زملائه المُعلَن فوزهم قبل الطعن، فيما سيخرج المخترقون الأربعة من اللائحة المنافسة على ما يشي واقع الفرز الأولي، ليدخل ثلاثة من زملائهم من بينهم رأسا اللائحة غير المحظوظة، فتكون النتيجة بعد كلّ هذه العملية 15 صوتًا لصالح لائحة “نحنا لجزين” والتي يترأسها حرفوش وتدعمها الرابية ومعراب والعائلات، و3 أصوات للائحة المدعومة من قبل عازار. علمًا أن الطعن في المحصّلة أكسب حرفوش وزملاءه عضوًا إضافيًا بعدما كانت النتائج قبيْل الطعن 14 عضوًا مقابل 4 أعضاء.

مؤشّرٌ الى إيجابية الطعن

ليس قرار مجلس الشورى مفاجئًا أو صادمًا بالنسبة الى كثيرين من الجزينيين واللبنانيين بشكل عام، إذ للمجلس سوابق جمّة تصبّ في السياق نفسه على مستوى قلب معادلات في بلدياتٍ مطعونٍ في صوابيّة آلية من آلياتها الانتخابيّة أو أداة من أدواتها الاقتراعية على شاكلة الأوراق اللمّاعة التي خرج وزير الداخلية نهاد المشنوق نفسه عشية انتخابات الشمال ليجدد تحذيره من استخدامها على أن تُعتبَر ملغاة في هذه الحالة. كلامٌ شجّع حرفوش على التقدّم بطعنه، كما منحه ومؤيّديه مؤشرًا أوليًا الى إيجابية نتيجة الطعن. هنا بيت القصيد، إذ يبدو أن تململًا لدى بعض أعضاء اللائحة المنافسة وتحديدًا لدى الخارجين من المعادلة البلدية في أعقاب إعادة فرز الصناديق، سيستحيل مع الوقت القريب اعتراضًا رسميًا على بعض التسريبات التي بلغت أعتاب جزين ونشرت في ربوعها خبر قبول الطعن حتى قبل صدوره في الجريدة الرسمية، وقد يصل بهم الأمر الى المطالبة بإقالة القاضي المسؤول شخصيًا.

خمسة أيام للطاعِن

في منتصف تموز المقبل أو حتى قبله، تولد لجزين بلديّةٌ جديدة. أيامٌ قليلة ترتدي طابعًا إداريًا بروتوكوليًا، بحيث تُترَك فترة خمسة أيام منذ اللحظة الأولى لصدور قرار الطعن في الجريدة الرسمية للسماح للطاعن بتسجيل أيّ اعتراضٍ لديه على نتيجة الطعن، وفي هذه الحالة لن يُسجَّل أيُّ اعتراضٍ بعدما سارت رياح الطعن كما اشتهت سفن حرفوش وزملائه. أما ما بعدها فدعوةٌ صريحة الى المجلس البلدي شبه المختلط للاجتماع تمهيدًا لانتخاب الرئيس وهو ما يبدو شبه محسومٍ لصالح حرفوش برغبة من أكثرية الأعضاء باستثناء الوجوه الثلاثة الجديدة المنضمّة من اللائحة المنافسة الى التشكيلة البلديّة النهائية.

للحديث صلة

لن يكون إذًا على جزين أن تنتخب مجددًا، ولن يفرط العونيون والقواتيون عقد البلدية بعدما حكم “الشورى” لصالح تفاهمهما الذي حاول آل الحلو زعزعته بمحاربة رئيس اللائحة. ربما يعيد هؤلاء حساباتهم متأخرين، وربما سيوفّرون طاقتهم الى غير مناسبة... الى ذاك اليوم الذي تُطالب فيه أكثرية جزينيّة بفصل عين مجدلين عن المدينة وهو ما من المبكر الارتقاء به من دون أن يعني ذلك أنه لن تكون لهذا الحديث بالذات... صلة.