تثير خطابات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "الحياة" السياسية في لبنان، فالكثيرون من الساسة ينتظرون خطاباته ليجدوا ما يتحدثون به، فتتحرك "مياه" السياسة الراكدة، ولكن ما لم يكن بالحسبان بعد خطابه الاخير في ذكرى أربعين القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين، أن يُشعل خطابه غضب ​إيران​يين، وتحديدا أولئك المعارضين لسياسة "الولي الفقيه".

كشف السيد نصر الله في خطابه شقّا مهما يتعلق بالبنية المالية في حزب الله، ولو أن هذا الشق قد تحدث بشأنه سابقا، فقال: "نحن وعلى المكشوف نقول للعالم كلها نحن يا خيي على رأس السطح موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران، وطالما يوجد في إيران "فلوس" يعني نحن لدينا "فلوس"، ومالنا المقرر لنا يصل إلينا، وليس عن طريق المصارف، وكما تصل إلينا صواريخنا التي نهدد بها إسرائيل يصل إلينا مالنا، ولا يستطيع أي قانون أن يمنع وصول هذا المال إلينا"... وشكر نصر الله المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية السيد ​علي الخامنئي​ ورئيس الجمهورية وحكومة ايران وبرلمانها ومراجعها وعلمائها وشعبها على الدعم.

أغضب الحديث "المالي" بعض المعارضين الايرانيين الذين عبروا عنه على وسائل التواصل الاجتماعي، فقال محمد حسين صالحي: "خطاب نصرالله فيه شيء من الوقاحة... فبأي حق تقوم الحكومة بصرف أموال البلاد في سوريا ولبنان في حين أن الإيراني أحق برأس مال بلاده"، وسأل مهدي ميرزابور: "اين اندفاع السلطات في ايران لحماية المظلومين عندما نجد ان الفقراء في ايران لا يجدون ما يأكلون؟ أليس هؤلاء أحق بملايين الدولارات من حزب الله؟"، واشار قيومي فتاح الى انه "لا يمكن تقديم دولار واحد لأي شخص في العالم طالما هناك في ايران فقير أو محتاج او مريض واحد".

إن كانت الاراء التي ذكرناها تصنف في خانة "المعتدلة"، فإن بعض المواقف قد تُوضع في خانة "التطرف"، فقال محمود بابائي: "اموال ايران ليست لا "للملالي" ولا لخامنئي ولا لـ"محتال العرب" (نصرالله) بل هي للشعب الايراني"، وقال جواد: "الإيرانيون يعيشون ضائقة مالية فيما المسؤولون يعطون المال لحزب الشيطان".

بعد هذه الاشارة الى آراء قليل من كثير من الايرانيين حيال اعلان السيد نصر الله عن مصدر أموال حزب الله "المعروف مسبقا"، لا بد من التطرق الى "أقسام" المجتمع الإيراني حسبما تصفه مصادر مطلعة لـ"النشرة"، اذ ينقسم بشكل عام إلى ثلاث فئات، الأولى تعتبر أن كل ما يصدر عن المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية وعن الحرس الثوري الإيراني هو مقدّس وواجب تنفيذه، فيما الفئة الثانية هي الفئة التي لا مشكلة جوهرية لديها مع نظام المرشد الأعلى لكنها في نفس الوقت لا تجد حرجا من انتقاده بحال أخطأ، فهي لا تقدسه ولا تقدّس قراراته، واخيرا الفئة الثالثة وهي التي تريد تغيير نظام "الملالي" أي نظام رجال الدين وهي الفئة نفسها التي كانت من مشعلي الثورة الخضراء عام 2009(1). وترى المصادر أن انتقاد بعض الايرانيين للسياسات الايرانية الداخلية والخارجية هو أمر عادي ويحصل في كل دول العالم، وهو ما يدل على "التنوع السياسي" في ايران على عكس الدول التي تطالب بالديمقراطية لغيرها وترفضها لنفسها وشعبها".

وتضيف المصادر: "من الضروري الاشارة الى أن أموال حزب الله التي تأتي من ايران "تابعة" للسيد الخامنئي وهي أموال تأتي من النذور والزكاة والهدايا وغيرها من المصادر "الدينية"، وعبرها يتم تمويل حركات المقاومة في أكثر من مكان ومنها المقاومة في لبنان، وبالتالي فهي ليست من أموال الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية كما يظن البعض".

لم يدّع أحد في ايران أن "نظام" المرشد الاعلى ينال دعم جميع الايرانيين بلا استثناء، وقد تكون الانتخابات التي تجري في ايران خير دليل على تنوع الآراء والأفكار، لذلك اذا ما نظرنا للصورة العامة في ايران فسنجد ان المعارضين للنظام فيها، معارضون لحزب الله اللبناني أيضا.

(1)الثورة الخضراء عام 2009 هي احتجاجات الشعب الإيراني على النظام الإسلامي الحاكم بعدما اتُهمت الحكومة بتزوير نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي أدت إلى فوز احمدي نجاد.