لا يغيب إسم ​القاع​ عن الأحاديث البقاعية. هي بلدة الانتاج الزراعي الوفير في مشاريعها. ورمز شراكة شمال البقاع في الوطنية. هي التي تعرضت لهجمات وحصار، وصمدت كما في العام 1975. يومها توجّه اليها الامام موسى الصدر بعد بيان حضّ فيه البقاعيين على حماية القاع وأهلها. كان يدرك الامام الصدر حينها ان الوجود المسيحي في تلك المناطق التي تشكل أطراف الوطن حاجة لبنانية اسلاميّة ومسيحيّة. لم تذب تلك الحاجة اليوم، بل بات اللبنانيون يتمسكون بها.

في البقاع استنفار شعبي رُصد تضامناً مع أهالي القاع. لا يمكن ان تكون البلدة مُستفردة. لا يسمح البقاعيون بعشائرهم وعائلاتهم وطوائفهم ان يُهجِّر الإرهابيون أهالي القاع. هم أبدوا الاستعداد للقتال على الجبهات دفاعاً عن الوطن في خط الدفاع الاول.

يعرف اللبنانيون ان سقوط القاع امام الهجمات الإرهابية يعني سقوط لبنان. لا يتعلق الأمر بمساحة جغرافية حدودية ولا بمجموعة إرهابية شرسة تحتل الجرود والمساحات قبالة القاع. الامر يرتبط بتكوين المنطقة. يلمس البقاعيون أن مشروعاً خطيراً يستهدف القاع لتهجير المسيحيين من شمال البقاع. هم خططوا لترهيب القاعيين وأهالي رأس بعلبك والمناطق المحيطة. يعتقدون ان التهجير ممكن بعد شن عمليات إرهابية متكررة ضد المسيحيين في القاع. يريدون استجرار ردود الفعل ضد النازحين السوريين في مخيمات مشاريع القاع التي تحوي اكثر من ثمانية أضعاف عدد سكان البلدة. عندها تحصل الفتنة المفتوحة على حدود امتداد مخيمات النازحين وتوريط المسيحيين في نزاعات طويلة.

مجرّد إرسال الإرهابيين مجموعات انتحارية عدّة في يوم واحد، يعني الاستعداد لمعارك مفتوحة خطيرة لا يبدو انها تقتصر على يوم ولا على منطقة ولا على هدف. هناك اهداف بالجملة بدأ الإرهابيون بتنفيذها لإدخال لبنان في دورة الدم. للقاع رمزيّة. فماذا بعد القاع؟

القوى الأمنية والعسكرية استنفرت، واوصت بإلغاء التجمعات وحفلات الافطار. والمواطنون باتوا في يقظة خوفاً من تمدد العمليات الإرهابية. لا شيء مستبعد، لا بقاعاً ولا شمالا ولا في العاصمة. لبنان في قلب المواجهة. كل المؤشرات والمعلومات الامنية تشير الى ذلك.

الشعب سيكون الى جانب الجيش. الهجرة خيانة وتخلٍّ. ولن تُنتج مغادرة اهالي القاع بلدتهم الا المزيد من الأزمات، بينما يبقى الصمود في الارض هو عنصر المواجهة الاول.

لا بقاع من دون القاع. ولا قاع من دون مسيحيين. ولا مسيحيين من دون عيش مشترك. ولا عيش مشترك من دون وحدة وطنية. ولا وحدة من دون شراكة في المواجهة. هذا ما هو مطلوب اليوم.

فإلى التجنيد في القاع، الى جانب اهلها، في كنائسها، ومع مواطنيها في ساحاتها. ان سقوط القاع امام الارهاب هو سقوط لكل لبنان. عندها لا هناء في الهرمل، ولا صفاء في العين وعرسال، ولا أمان للفاكهة ورأس بعلبك، ولا حياة في البقاع، ولا معنى للبنان.

المرحلة خطيرة بحجم ما اظهرت العمليات الانتحارية من استعداد الإرهابيين للتخريب. فيجب ان يكون اللبنانيون كلهم قاعيين. كي لا يغرق لبنان في القاع.