في كل انفجار انتحاري للارهابيين تنطلق التصريحات، لتتقاطع عند رأي، منها ما يكرر التأكيد على صيغة "الجيش والشعب والمقاومة" لحماية البلاد، واُخرى ترى ان الحل هو عبر الدولة وسلاحها الشرعي حصرا.

مصادر سياسية ترى ان هذا الجدل البيزنطي لن يوقف التفجيرات، ولن يحمي لبنان، وسيبقي هذا البلد مكشوفًا امام الذين يريدون به شرًا.

وتعتقد المصادر ان الجدل الذي انطلق منذ ذهاب "حزب الله" الى سوريا للقتال الى جانب النظام السوري، لا يزال كما هو فالحزب على قناعته بأن مشاركته هناك خطوة استباقية حمت لبنان ومنعت وصول الإرهابيين الى قلب المدن اللبنانية، في حين يرى فريق آخر ان انخراط فريق من اللبنانيين في هذه الحرب تسبب في ارسال الانتحاريين الى البلد.

وترى هذه المصادر ان هذا السجال لم ينته، ويتجدد في كل مرة يقع ضحايا لبنانيون على أيدي الإرهابيين، وتظهر مواقف مدافعة عن انخراط الحزب في ​الحرب السورية​، وتشديدها على مواصلة ما قامت به حماية للبنان واللبنانيين، يقابلها تنديد من الفريق المعارض لهذا التدخل وتحميله مسؤلية وتبعيات ما يجري.

وتعتبر المصادر نفسها ان الحوار القائم بين حزب الله وتيار المستقبل الذي يتردد ان احد أهدافه منع الاقتتال السني-الشيعي، ليس كافيا، والدليل ان الذين سقطوا في ​القاع​ هم لبنانيون مسيحيون، ولا علاقة لهم بالصراعات المذهبية الاسلامية.

وتشير هذه المصادر الى ان لبنان وبمساعدة دول إقليمية ودولية تمكن من وقف التدهور في الشمال اللبناني ومنع تحويله الى بؤرة للارهابيين، او الى إقامة إمارة تابعة للتكفريين، ومنع عنه الانخراط الكامل في الحرب الدائرة في بلاد الشام.

لكن في مقابل هذا الواقع فتحت جبهة في عرسال يتم مداواتها بالمسكنات، فيما المطلوب حسب هذه المصادر عمليّة مماثلة كالتي حصلت في شمال لبنان.

وتشدد المصادر على ان مثل هذه الخطوة تتطلب تنازلات وتضحيات بعيدا عن مصالح الدول العربية والإقليمية والأجنبية المنغمسة في الصراعات العربية المسلحة.

ولا ترى المصادر في كلام واشنطن او الاتحاد الاوروبي او الدول العربية او ايران، بأنها حريصة على استقرار لبنان وعدم إقحامه بالحرب السورية، سوى اقناع القوى السياسية الفاعلة بضرورة حلّ هذه المعضلة، وتسليح الجيش كما يجب لإقفال جبهة عرسال إقفالا محكما، يؤمن ابعاد انغماس لبنان في حروب المنطقة.

وتؤكد المصادر ان تنفيذ هذه الامور لا يمكن ان يتحقق بالكامل في غياب رأس للدولة، وان الخطوة المهمّة والأساس ستكون في انتخاب رئيس للجمهورية قادر على جمع القوى السياسية تحت سقف واحد، والذهاب واياهم الى كل بقاع العالم، وحيث يجب، لإثبات عزم لبنان على انه يرغب فعلا بالنأي عن نفسه عن كل ما يجري حوله من ويلات.

وهكذا، فإنّ انتخاب رئيس يتصدّر القائمة أيضاً وايضًا، ولعلّ المطلوب إنجاز هذا الاستحقاق قبل أيّ شيء آخر لأنّه ليس من الطبيعي أن يبقى لبنان بلا رأس، وهو يواجه مخاطر وجودية، في وقتٍ تنهار كلّ مؤسساته، الواحدة تلو الأخرى...