يتحدّث ب. س. وهو ابن ​القاع​ ويملك منزلاً مجاوراً لكنيسة مار الياس هناك عن الذعر الذي عاشه هو وأقرباؤه لحظة دوي الإنفجارات. الخوف كان حتى في نبرة صوته ولشدة خوفه لم يكن يدرك إذا كان أحد من سكان المنزل قد أصابه مكروه، فكان يصرخ ويقول: "الإنفجارات بالبيت، هيدي حرب، هيدي حرب"...

اليوم، يتكلم ب. س. بمزيد من الإرتياح خصوصاً وأنه قد استفاق من الصدمة التي المّت به، ويلفت الى أن "الأهالي لم يعيشوا يوماً من الرعب كالذي عاشوه ليلة أمس"، حامداً الله أن "كلّ أهله بخير وأن السكون عاد رغم أن الخوف لا يزال يسيطر في النفوس مما قد يكون يُحضّر للبلدة".

كان يوم أمس بالنسبة لأهالي القاع مختلفاً عن كلّ الأيام السابقة، فالحذر سيكون سيّد الموقف من الآن فصاعداً خصوصاً وأن المدينة لا تزال مفتوحة على منطقة مشاريع القاع التي تعجّ بالنازحين السوريين. المحلل السياسي ​رفيق نصرالله​ يعتبر أن "أحداث الأمس بالقاع تعتبر بداية إحتكاك أرادتها المجموعات الإرهابية بينها وبين أهالي البلدة لجسّ نبضهم"، لافتاً الى أن "الهدف الأولي لتلك المجموعات يكمن في إيقاع ضحايا ونشر الذعر في نفوس الأهالي كمقدمة لتهجيرهم فتتقدم المجموعات الإرهابية بإتجاه المنطقة وتحوّلها الى خط تماس متقدّم". بدوره يلفت الكاتب والمحلل السياسي ​خليل فليحان​ الى أن التفجيرات التي قام بها الإرهابيون تهدف الى إفراغ المنطقة من سكانها كمقدمة لتحويلها الى أرض "محروقة" على حدّ تعبيره، ومضيفاً: "ربما الضغط الذي تتحمله المجموعات الإرهابية في سوريا دفعها للتفكير بالتوسّع نحو لبنان وما قامت به بالأمس هو جزء من المخطّط".

يتوقّع رفيق نصرالله عبر "النشرة" أن "لا تكون الأمور إنتهت عند هذا الحدّ، فقد تتعرض المنطقة عينها أو أي منطقة أخرى لهجوم مماثل بالأسلوب نفسه أو ربما بأساليب أخرى عبر سيارات مفخخة أو غيرها"، لافتاً الى أن "هدف داعش من هذه العمليات هو ضرب البيئة المسيحيّة، وهناك رغبة من قبل هؤلاء في اقتلاع المسيحيين من لبنان". ويشير الى أنه "رغم كلّ الإجراءات فإن "مشاريع القاع" لا تزال مكشوفة وحتى لا معلومات أن خططاً إستباقية وضعت للوقاية من أي هجوم آخر"، ومعتبراً أن "أكبر خطأ إرتكبته الحكومة اللبنانية بعد معركة القلمون عندما أذعنت للكلام ولم تعطِ الضوء الأخضر للجيش اللبناني ليكمل بإتجاه جرود عرسال وجرود القاع ويطهّرهما". بدوره يعتبر فليحان أن "الأخطر أن داعش نجح في نقل المعركة بينه وبين الجيش من الحدود الى داخل ​بلدة القاع​"، معتبراً أن "الهدوء الذي يسود في هذه الأثناء يمكن وصفه بـ"استراحة المحارب" فما إن يعود كلّ شيء كما كان حتى تقتنص المجموعات الإرهابية الفرصة وتنفذ ضربات أخرى".

"توقيت عملية القاع جاء في هذه الأثناء بعد معركة الفلوجة ورغبةً من الإرهابيين في التشويش على معركة حلب". هذا ما يؤكده رفيق نصرالله، مشيراً الى أن "هذا العمل سيشكّل مزيداً من الضغط على حزب الله الذي يقاتل في سوريا وإتهامه بأن قتاله هناك هو السبب في كل ما يحدث"، معتبراً في نفس الوقت أن "لا دخل لهذه الأعمال الإرهابية بمسألة الدفع نحو تسريع عملية إنتخاب رئيس للجمهورية"، لافتاً الى أن "الأمرين مختلفان تماماً وإنتخابات الرئاسة مرتبطة بما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا وبعض دول المنطقة"، ومشيراً الى أن "الإنتخابات النيابية قد تسبق إنتخابات الرئاسة حتى". أما فليحان فيرى أن "المجموعات الإرهابية وبضربتها التي نفّذتها وجهّت رسالة الى الحكومة التي لا تنفكّ تتحدّث عن تفكيكها للخلايا الإرهابية لتؤكد مرّة أخرى أنها لا زالت موجودة وفاعلة"، ومشيراً في نفس الوقت الى أن "كلّ الأحداث تظهر أن هدف داعش هو توسيع رقعة نفوذه في المناطق الحدودية لتشمل بلدة القاع".

إزاء كلّ ذلك، تُطرَح تساؤلات عدّة أبرزها: "الم يحن الوقت لتعطي الحكومة والسياسيون الضوء الأخضر للجيش اللبناني ليبدأ عملياته العسكرية للقضاء على تلك المجموعات في جرود عرسال وجرود بعلبك والقاع وتطهيرها؟!"