لم يعد من شكوك بان غزوة القاع كان هدفها الاساسي ترويع البلدة المسيحية بالدرجة الاولى التي كانت تتهيب منذ فترة لسيناريو ارهابي ولغزوة على غرار غزوة عرسال فكان شبابها وشيبها على اهبة الاستعداد لاي هجوم، وربما كان الهدف ايضاً احتلالها في وقت لاحق بعد التفجيرات الانتحارية، الا ان العناية الالهية والحراسة الليلية لابناء البلدة وحراسها انقذت القاع من مجزرة مروعة كان يمكن ان تقع كما ان انكشاف الارهابيين الانتحاريين ادى الى حصر الاضرار وجعل الانتحاريين يفجرون انفسهم احياناً بدون تنظيم او وقوع اصابات، وما من شكوك ايضاً ان استهداف كنيسة مار الياس حيث تجمع المعزون كشف المخطط الارهابي الطويل الذي كان يعد للبلدة بحسب مصادر متابعة والذي كانت تتحسب له منذ غزوة عرسال في آب الماضي فكان متقاعدوها العسكريين وشباب البلدة والقوة العسكرية من الجيش على حدود البلدة تتحسب لاي حدث او خلل امني وفي ظل المخاوف والتحذيرات من مشاريع القاع التي تضم حوالى خمسة وعشرين الف لاجىء سوري يصعب تمييز النازح من الارهابي بينهم خصوصاً ان روايات من شاهد الانتحاريين في القاع تحدث عن انتحاريين صغار في السن. وما من شكوك ايضاً ان لبنان دخل منعطفاً امنياً خطيراً ومختلفاً عبر استهداف قرية مسيحية بعد ان ضرب الارهاب التكفيري عرسال السنية وطرابلس وجبل محسن وعمق الضاحية الشيعية.

وبالمؤكد فان التوقعات التي سيقت في الآونة الاخيرة بعودة التفجيرات الارهابية الى الساحة اللبنانية صحّت، حيث كانت كل المؤشرات ربطاً بتحذيرات غربية ودولية ومعلومات امنية تشير الى حتمية حصول تفجيرات في شهر رمضان قد يستهدف الضاحية الجنوبية او مناطق وتجمعات شعبية في بيروت وضواحيها خصوصاً وان «تنظيم الدولة الاسلامية» تلقى ضربات موجعة في سوريا مؤخراً كما ان التنظيم الارهابي مضيق عليه لبنانياً وتلقى خسائر في جسده الار هابي على اثر التوقيفات الامنية وتهاوي الشبكات الواحدة تلو الاخرى في الداخل اللبناني. فتجميع المعطيات يدل على دخول لبنان منعطف خطير جداً، فلبنان هو دائماً الخاصرة الرخوة والمكان الذي تسعى الدول لجعله ساحة او متنفساً لصراعاتها، وعليه فان كل الاحتمالات صارت قائمة للتفجير الامني او الاغتيال او اي خربطة امنية اخرى.

بنظر بعض المتابعين الامنيين فان التأزم الاقليمي الحاصل بين السعودية وايران، ومسار الحرب في سوريا وما لحق بتنظيمي «داعش» و«النصرة» من خسائر في الرقة مؤخراً جعل عودة التفجيرات الامنية او حتى الاغتيالات الى الساحة اللبنانية متوقعاً ومطروحاً في اي لحظة نظراً لما وصلت اليه الحال والتشنج على الساحة الاقليمية وعلى اعتبار ان الساحة اللبنانية هي غالباً متنفس لما يحدث في الخارج.

واذا كان تعاطي لبنان مع الارهاب بكامل تشعباته اثبت انه الدولة السباقة الاولى في ضربه وتطويقه وتهاوي الشبكات والا لكان لبنان تحول الى عراق او سوريا آخرين، إلا ان عودة التفجيرات يعني ايضاً ان لبنان لم يعد محيداً ولا غطاء اقليمي يحميه بحسب المصادر، اما قافلة الانتحارييين التي تتسلل عبر الحدود الى لبنان والتي تتغلغل في كل المناطق فتعني ان الخطر التكفيري يستسهل العبور ولديه المزيد من العملاء وان الشبكات التي يتم تفكيكها تجد متنفساً آخر وعملاء جدد في كل فترة بعد توقيف عملائها.

اما الخطر الاكبر الذي كانت تتخوف منه اوساط امنية فهو عودة الارهاب ليضرب باسلوب مختلف وتكتيك عن الامس وبأهداف مختلفة بعيداً عن استهدافاته السابقة وربما خارج دائرة المناطق الساخنة المصنفة لحزب الله والمحسوبة عليه، فالارهاب لا طائفة له ولا دين، وهذا ما حدث في القاع، فهو ضرب قرية ذات غالبية مسيحية، وليس عن طريق الصدفة كما قيل بأن الانتحاريين كانوا ينوون الانتقال الى بيروت، في حين كانت التوقعات ان الارهاب سيضرب مجمعات تجارية في وسط بيروت ومناطق تعج بالمواطنين في حين كانت عمليات الرصد تتابع سيارة اسعاف للصليب الاحمر اللبناني قد تدخل الى الضاحية الجنوبية، وبعد هذا العدد من الانتحاريين دفعة واحدة تتخوف الاوساط من مسلسل دموي بعد هذا التدفق من الانتحاريين دفعة واحدة الذي يذكر بما يحصل في سوريا والعراق، عدا عن المخاوف الكبرى من ان يتم تغيير الاهداف والمواقع والاسلوب المفاجىء للارهاب لترويع الساحة اللبنانية، خصوصاً ان الارهابيين يلفظون انفاسهم الاخيرة في سوريا والعراق وبعد ازدياد الحملة الدولية لتصفيتهم والقضاء عليهم، وبدون شك فان هؤلاء تلقوا الكثير من الضربات الموجعة من الاجهزة الامنية اللبنانية وهم يحضرون للرد والانتقام على الساحة اللبنانية ، لكن خسارتهم ستكون حتمية رغم ارهابهم كما تقول الاوساط لان لبنان اثبت انه ساحة محصنة ضد الارهاب رغم وقوع ضحايا وشهداء، ويكفي التوقف عند عدد الانتحاريين في القاع الذي تجاوز عدد الشهداء القاعيين ومن المؤسسة العسكرية لتبيان ان الهجوم الارهابي لم يحقق غايته.