الأنظار الآن داخلياً وإقليمياً ودولياً – تَتجه الى السؤال عمّا سيعقب «غزوة القاع الدموية».. هل نسأل سمير جعجع باعتباره حليف «الغزاة» مثلاً؟

المهم الآن، ليس الردّ على تخرصات «حكيم» زمانه بل العمل في اتجاهات أخرى بهدف تشكيل حماية للقاع التي أرادها القدر أن تقع على تخوم «أهل الغزوة»، لكنّ ما يجب الانتباه إليه، أنّ قيادات «النصرة وداعش» السياسية، في الداخل اللبناني ستكشر عن أنيابها الآن لتصويب الاتهامات نحو المقاومة بشقيها، حزب الله ونسور الزوبعة، كما وعلى الجيش اللبناني الذي يعاني من حصار داخلي شل قدرته على مواجهة حالات التكفير التي بدأت تتغلغل وتشكل «خلاياها النائمة»، استعداداً للقيام بمهمات تستهدف الآمنين من المواطنين الذين يشكّلون بيئات حاضنة للجيش اللبناني وللمقاومة اللبنانية، من خلال تفجيرات انتحارية، سيارات مفخخة، نشوب الحرائق، السطو على البنوك، تنفيذ عمليات اغتيال، واختطافات، وجرائم إعدام «مقصودة الهدف»، تسعى إلى إثارة الفتنة الطائفية. تلك هي ملامح «الغزوات المقبلة»!

لا يُخفى على الدارسين والمتخصصين في مجال الإعلام أن مفعول الحرب الدعائية ولا سيما السوداء والإعلامية والنفسية يكون أكثر وقعاً وتأثيراً من الحرب العسكرية، ويعطي هذا المفعول الزخم ويفسح الأرضيات المناسبة لتحقيق انتصارات بالنسبة للعدو على الجانب الوطني المتمثل بالقوات الأمنية، بمختلف تشكيلاتها ومسمياتها من جيش ومقاومة لبنانيين.

إن سياسيي «داعش» الداخليين قادرون على صناعة «داعش» في المناطق التي ما تزال رخوة وإن استكمل النصر على المجرمين والقتلة في أرض المعركة على يد الجيش والمقاومين، لا بدّ من التصدي لصناع داعش سياسياً وعلى الماكينة الإعلامية التي تنتج خطابهم الإرهابي.

تصريح قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، أول أمس، جاء ليصبّ في هذا الاتجاه من خلال القول إن «القاع لم تكن مستهدفة بل اختبأ الانتحاريون في مكان ما في البلدة بانتظار شيء ما ليتحرّكوا إلى مكان آخر»!

ما الفارق هنا بين الفظاظة والفظاعة في هذا التصريح؟

هكذا تشي الأزمة الداخلية في لبنان، بأنها «معقّدة جداً»، و«مركبة جداً في منابعها ومصبّاتها»، بسبب التدخلات الأميركية والسعودية، لكنّ نهاية «داعش والنصرة»، ربما تمنح جيوش، سورية والعراق ولبنان، فرصة التنسيق الميداني لمواجهة ما لا يمكن «التكهّن» بماهيته حتى الآن من مشاريع تخريبية، فهناك تدخلات «غير طبيعية» في لبنان، بل هي قد تكون أكثر تعقيداً من التدخلات الإقليمية والدولية في الأزمتين السورية والعراقية، رغم الإيحاء الغربي والخليجي بتحييد هذا البلد عن أزمات المنطقة.

بالرغم من ذلك، هناك من لا يزال يبحث في قعر القبر أو في قعر «التنكة» عن «روح» القوات.. إذا أردتم أن تبحثوا عما تبقى من هذه الروح، اسألوا «الحكيم» جعجع هذا الذي تغذّى على دماء اللبنانيين منذ أن تزيَّا بزيّ «المناضل» أواسط السبعينيات وتنقل بعدها فوق رؤوس وجماجم اللبنانيين من دون أن يرفّ له جفن.

هل نقول لك يا حكيم ما قاله البطل الاغريقي باتروكلوس للقائد الطروادي هيكتور، إن الموت قريب منك، ولكن هذه المرة لن تذوقه كما ذاقه هيكتورعلى يد «أخيل»، بل على يد «النصرة» و«داعش».