تخيّم السوداوية على المشهد اليمنيمع اصطدام المباحثات السياسية في الكويت بعوائق عدة يتدرج الوفد الذي يدار من السعوديةفي وضعها كلما لاحت في الأفق بارقة أمل في المفاوضات، إذ سرعان ما يعود الوفد المذكور بعد مماطلة إلى المربع ما قبل المفاوضات، جراء شروط غير منطقية في أسس التفاوض السياسي.

الرهان على الوقت من جانب السعودية،مع محاولات تحقيق إنجاز ميداني، يبدو أنه ليس في غير محله فقط، بل يوسّع دائرة الشروخ في التحالف العدواني على الشعب اليمني وبلاده،بحيث تحوّلت السعودية إلى مركز ابتزاز علني من شركائها في العدوان؛ فقدأعلنت الإمارات العربية المتحدة نيتها الانسحاب من الحرب التي يشنها التحالف بغطاء ومشاركة أميركية، على قاعدة أن الحرب انتهت بالنسبة إليها، ثم عادت وأعلنت انها لم توقف مشاركتها بعد ضغط سعودي كبير، وهذا الأمر ينسحب أيضا وفي إطار الانسحابات على كل المغرب والسودان اللذين أعلنا نوايا مماثلة.

إعلانات الانسحاب هذه هي أقرب ما تكون ليس فقط رسائل ابتزاز للسعودية التي ورّطت الجميع في الحرب العدوانية،وغير العادلة، إنما ليقين تلك الدول بأن الحرب التي توهّموا حسمها ببضعة أسابيع بأكلاف يمكن تحمّلها،باتت عبثية الأهداف بعد فشل العدوان في تحقيق أي من مآربها، سوى تلك الهادفة إلى القتل لمجرد القتل،وتدمير المنجزات التاريخية للشعب اليمني على مختلف الصعد،تحقيقاً لغرائز بعض الحكامالهاربين من أزماتهم الداخلية، ومع أكلاف لم يعد المشاركون قادرين على الالتزام بموجباتها.

لا شك في أن الخلافات بين مكوّنات تحالف العدوانلم يعد بالإمكان إخفاؤها،ولعل الغارات الجوية التي استهدفت رتلاً لمسلحي "حزب الإصلاح" الإخواني،وكان في طريقه إلى جبهة القتال،بات مؤشراً قوياً على مدى التنافس السعودي - الإماراتي،لا بل التناقض على الساحة اليمنية،فالغارة الجوية نفّذتها طائرات تابعة للإمارات في منطقة لا تعتبر منطقة تماس،كي يقال إن خطأ في التقدير قد حصل،وقد اتهم "حزب الإصلاح"- المموَّل من السعودية - دولة الإمارات علناً بالمسؤولية عبر وسائل إعلام مقرَّبة منه،دون أي مبالاة من جانب التحالف.

وسط هذه الخلافات المقرونة بتصفيات واسعة في المناطق التي يسيطر عليها التحالف العدواني، لاسيما لقيادات "حزب الإصلاح"، إضافة إلى الضائقة المالية التي يعيشها أتباع السعودية، واتّهام قيادات منه بالاختلاس، والتناحر على النفوذ بين فصائل أخرى،قام الأمير السعودي فهد بن تركي بزيارة عاجلة لليمن، لعله يصلح ما أفسده الدهر،لكنه عادمع الوفد الكبير الذي رافقه بـ"خُفي حنين"،شاتماً ومتوعداً،وفق ما نقلت عنه جماعة منصور هادي.

تلك الخلافات الضاربة في معسكر العدوان،يقابلها تشدّد في المفاوضات الجارية في الكويت بين القوى الملتحقة بالسعودية،وبين الوفد الوطني الممثل بالجيش و"أنصار الله" و"حزب المؤتمر"،خصوصاً في ضوء الشروط التي تحاول السعودية فرضها،والانقلاب على أي إيجابية تتحقق،وهذا ما دفع بان كي مون لزيارة عاجلة للكويت، بعد تراجعه المهين عن وضع السعودية على القائمة السوداء في قتل الأطفال اليمنيين، وتخريب البنى التحتية في الغارات، إلا أن الزيارة لم تكن منتجة، ولم تفرض على السعودية حتى وقف النار،والتي تستغل الصمت والتواطؤ الدوليين، إلا أنكل ما حققه الأمين العام للأمم المتحدة لا يعدو عن كونه تمديداً للحرب من خلال الحديث عن تمديد المفاوضات لشهرين إضافيين،على أمل ردم هوة الخلافات،على قاعدة إقرار خريطة طريق للمبادئ،والالتزام بوقف الأعمال القتالية.

في المقابل،تجزم مصادر يمنية بأن الشروط المملاة من السعوديةغير قابلة للتحقق، لأنها تُعتبر فرض استسلام،لاسيما استبعاد السيد عبد الملك الحوثيوعلي عبدالله صالح من الحياة السياسية،وحلّ اللجان الثورية العليا واللجان التابعة لها و"أنصار الله"،بالتوازي مع عملية الانسحاب وتسليم السلاح وإلغاء الإعلان الدستوري.