يبدو المشهد الإقليمي يحمل مزيدا من المفاجآت. يردد مطلعون أن تغييرات جوهرية سياسية وميدانية مقبلة. يشيرون الى كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امام السفراء حول الحزم "للتخلص من الارهاب في سوريا". ويستندون الى معطيات مهمة بدأت تتظهر.

منذ أسابيع عقد اجتماع عسكري روسي-إيراني-سوري في طهران تم خلاله وضع خارطة طريق ميدانية في سوريا ومقاربة وضع العراق. التفاهم الثلاثي جرى بعد حديث عن خلافات بين "الثلاثي" وحياد الروس في الآونة الاخيرة عن المعارك في ​ريف حلب​.

ماذا حصل بعد الاجتماع؟

عاد الطيران الروسي الى نشاطه المكثّف فوق المناطق السورية. في الساعات الماضية تدخلت القوات الجوية الروسية وسحقت هجوما للمسلحين في ريف اللاذقية في جبل التركمان. وفي ريف حلب الشمالي تحديدا في منطقة الملاّح، كان ​الجيش السوري​ وحلفاؤه يخوضون معارك ضارية تدخّل خلالها الطيران الروسي وضرب قوافل المسلحين. هذه أمثلة عن معارك تجري يوميا بالتنسيق بين "الثلاثي" والقوات الحليفة. لا امكانية للتراجع ولا للحديث عن إفساح المجال امام الحلول السياسية على حساب الميدانية. هذه قناعة توصلت اليها ​روسيا​ بعدما أعطت المجال سابقا للحلول السياسية اولا.

فماذا ننتظر؟

يقول مطّلعون ان هجوماً واسعاً يُعد له الجيش السوري وحلفاؤه على اكثر من محور في وقت قريب. المحاور جرى توزيعها في اجتماع طهران على القوى المشاركة. وسيجري التركيز على حلب و​دير الزور​ والرقّة.

الولايات المتحدة الأميركية حاولت استباق الهجوم المرتقب بإدخال قوات سوريّة حليفة لها الى منطقة "البوكمال" في دير الزور، ما أدى الى الإخفاق وقتلهم وأسرهم وفشل الخطة الاميركية.

لكن ذلك لا يعني بالمقابل عدم تقدّم الجيش السوري وحلفائه الى الشرق لوصل المساحات السورية بالعراقية وضرب "داعش" في مركز قوتها مهما احتاجت السيطرة الى وقت.

اما بالنسبة الى حلب، فيتحدث مطّلعون عن اتفاق روسي-تركي عريض حول الاوضاع الميدانية فرض اعادة العلاقات بين أنقرة وموسكو. لم يأت الاعتذار التركي ولا الاتصال بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب اردوغان فجأة. سبقه تواصل بين البلدين وشبه مفاوضات أدت الى الوصول الى نقاط أوليّة مشتركة أساسها الوضع السوري. تطمح موسكو بإقفال الحدود التركية-السورية امام المسلحين. هذا ما وعدت به انقره. لكن ذلك يستوجب شروطاً متبادلة.

المهم ان اردوغان وصل الى قناعة بوجوب التراجع في سوريا وخصوصا في حلب وافساح المجال امام الطيران الروسي لضرب المسلحين في الشمال. هذا هو الثمن الذي يدفعه اردوغان لإعادة تحسين علاقته مع موسكو بعد تزايد الأزمات التركية الداخلية ومحاولته اجراء اعادة نظر في سياساته الخارجية، ما دفعه أيضاً الى مصالحة تل أبيب.

تطورات ميدانية سورية خلال الأشهر المقبلة. ستحددها المعارك في شمال وشرق البلاد، علمًا ان تقدما للجيش السوري يجري في ريف دمشق بشكل دائم.

القرار اتخذ من قبل دمشق وحلفائها بإعادة حلب ودير الزور والرقّة الى السيادة السوريّة. الان يجري التحضير لتلك المعارك التي ستجري دفعة واحدة. وقد وصلت تعزيزات روسيّة ولا تزال الى قاعدة حميميم والسفن الروسية الرابضة قرب الشاطئ السوري في طرطوس واللاذقية. كما عزز حلفاء دمشق قواتهم وعديدهم البشري.

يختلف الهجوم المرتقب عن الحملات السابقة بأنه أوسع واكثر تحضيرا وتنسيقا بين الحلفاء، وتحديدا على خط موسكو-طهران، وتحييد تركيا عن المواجهة من خلال التفاهم مع روسيا.

لكن هل ستترقب الدول المناوئة لسوريا وروسيا وإيران ما سيجري من دون القيام بأي تحرك؟

يقول المطلعون انفسهم ان الأسابيع الماضية شهدت اعلى درجات الدعم الخارجي للفصائل المسلّحة. وبالتالي لن يزيد الدعم ولا القدرات عما حصل. ويجزم هؤلاء المطلعون ان ما هو ات الى سوريا سيحمل مفاجآت كبيرة هذه المرة. لكن تبقى الكلمة الفصل للميدان. فلننتظر.