مع كلّ حدثٍ يشهده لبنان، تبدأ التكهّنات بإمكانية انعكاسه على الاستحقاقات الداخلية المجمّدة، أو حتى على الوضع الأمني، في ضوء ما يشهده المحيط من انفلاتٍ غير مسبوق، يُخشى أن تكون له تداعياته على لبنان.

في هذا السياق، رأت مصادر سياسية متابعة ان المخاطر الأمنية في لبنان كانت ولا تزال موجودة وستظل، وانه ليس صحيحا ان عدم انفجار الوضع الأمني يعود الى المظلة الدولية للحفاظ على الستاتيكو اللبناني، مشيرة الى وجود حرص دولي وإقليمي بعدم السماح للبنانيين بالإنزلاق نحو مواجهات مذهبيّة دمويّة، وبأنه لا يوجد قرار بتفجير الاوضاع.

وقالت المصادر نفسها انه اضافة الى ذلك فإنّ القوّة الأساس والفاعلة على الارض وهي حزب الله، عملت وتعمل على تفادي أيّ احتكاك يؤدّي الى اشتباكات واسعة داخل البلاد، لانها متيقّنة من انه لن يكون هناك رابح او خاسر في مثل هذه المواجهة، وان الجميع سيخسر بما فيه الحزب نفسه، لأنّ أيّ دماء لبنانية ستسيل بأيادٍ لبنانية، ستؤدّي حتما الى فقدان الحزب صفة المقاوم، وتجربة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عندما انخرطت في الحرب اللبنانية، ودفعت أثمانا باهظة ما زالت ماثلة امام الجميع.

وأعربت المصادر عن اعتقادها ان الوضع الميداني في سوريا لا تزال تداعياته السلبيّة على لبنان قائمة، وهي في تزايد، نظرا لعدم وجود رؤية واضحة بأن المعارك العسكرية ستؤدي الى انتصار ايران او حزب الله كما يشير تفاؤلهما، وان جلّ ما يمكن أن تفعله طهران وحلفاؤها هو المحافظة على الوضع القائم، خصوصا مع ظهور تباين واضح بينهم وبين الرئيس الروسي فلاديميير بوتين حول رؤيتهم للحل في بلاد الشام، وهذا لن يكون في صالح لبنان وفي قرب حل أزماته الدستورية والسياسية وحتى الأمنية.

أما في الملف الرئاسي، فلاحظت المصادر أن أجواء التفاؤل، والكلام عن ان شهر آب او الأشهر القليلة المقبلة ستحمل انفراجات في هذا الملف، وان حظوظ رئيس تكّتل "التغيير والاصلاح" الجنرال ميشال عون بالوصول الى قصر بعبدا تتضاعف، ليست سوى تمنيّات من الأطراف المؤيدة لعون، وهي ليست مبنيّة على أيّ معطيات جدّية، بل انها نابعة من مواقف ضبابية لرئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​، وتفسيرا في غير محله للزيارة التي قام بها العماد عون الى دار الفتوى وعين التينة، مع عدم إهمال موقف عون الثابت من ترشّحه، ورفضه الانتقال الى الخطة "ب" ما دام خصومه لا يقولون له لماذا لا يريدونه رئيسا للبلاد، وهذا لن يحصل اليوم أو في الغد.

وخلصت المصادر الى القول ان احتمال إمكانية توصل اللبنانيين الى انتخاب رئيس للجمهورية، وان كان هذا الاحتمال ضعيفا، لا بل مستبعدا، وانه في حال حصوله فان الرئيس المقبل لن يكون من بين المرشّحين الأساسيين، لكن يمكن ان يشكّل خطوة بدائيّة ومبدئيّة تمهّد لحوار جدّي بين اللبنانيين، وعندها يكون هذا الانتخاب عربونا لبدء مفاوضات إيرانيّة-سعوديّة حول مجمل الملفات الإقليميّة ومن بينها الملف اللبناني، وشكل الحكومة والشخصيّة التي سترأسها، وبيانها الوزاري، والإصلاحات الدستورية التي يمكن ان تثبّت الإستقرار وتسمح للبنان بأن يستعيد عافيته، وينجو من جراثيم الحروب التي تنهك عددا من دول المنطقة.