لم يكن الرئيس ​تمام سلام​ في حاجة لان يرتكب هذه الهفوة المميتة في مسيرته، كرجل دولة يفترض انه قدوة جيدة لكثير من سياسيي لبنان الفاسدين والمرتشين والمسمسرين والهامشيين في لعبة الامم وترتيب القوى السياسية الفاعلة. يشارك سلام في مؤتمر نواكشوط العربي وهو ليس بقمة لان العرب عندما يجتمعون في لقاء ويسمونه قمة. لا يتفقون ولا يخرجون بأية نتيجة بل قرقعة مواقف وتصريحات، وبعد الازمة السورية منذ 5 اعوام يخرج العرب منقسمين على سورية ولبنان وحزب الله ويصوت الجميع ويسيرون بأمر الحاكم بأمره الملك السعودي وأعوانه. ولا ريب ان سلام ووزير الخارجية ​جبران باسيل​ زانا بميزان الذهب وعلى "البكلة"، الكلمة اللبنانية وتوافقا على تعابير فضفاضة لا تخلو من "غبرة رضا" الاجماع العربي ولا تغضب الرئيس نبيه بري وحزب الله خصوصاً. وبطبيعة الحال نسقت المواقف التي ستتلى باسم لبنان اقله مع ممثلي امل وحزب الله على طاولة مجلس الوزراء ومع الخليلين الثاني والاول بين عين التينة وحارة حريك. ورغم كل هذا التنسيق يريد تمام سلام ان يُقنع اللبنانيين ان الاتفاق النفطي بين بري والعماد ميشال عون قد اغضبه، لانه استثناه رغم انه لا يوفر شاردة او واردة، الا ويتشاور فيها مع بري وحزب الله كما يقتضي العمل المجلسي الحكومي والبرلماني.

عن مشاركته في قمة نواكشوط ضجت الصحافة اللبنانية ووسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بكلام منقول عن السراي، انه وصلهم من نواكشوط ان فنادقها تعج بالجرذان وغير مطابقة للمواصفات البيئية والصحية. ولذلك يشارك سلام في القمة في نواكشوط وينام في المغرب. ما يعني ان صحة رئيس حكومة تسيير الشغور الرئاسي وفرض أمر العجز الواقع يخاف على صحته وأمنه البيئي والصحي من جرذان الصحراء اكثر مما يخاف هو والطبقة السياسية على صحة اللبنانيين!

المعلومات الوزارية في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء تشير الى تبدل ما في وجهة سلام في متابعة بعض الامور السياسية، ومنها ملف بلدية بيروت ومناقصة ​النفايات​ وكذلك ​ملف النفط​. وكأنه بات ميالاً الى وجهات نظر المستقبل وضنين ببلدية بيروت ومتعهد التيار الازرق في مناقصة المطامر وكوستا برافا تحديداً وحصة تيار المستقبل في صفقة النفط ومراسيمها الخرافية وليس التطبيقية.

فحري بسلام والتيار الازرق ان يدوزنا تحركهما ومواقفهما في ملف النفط الذي لم يصدق احد انه تحرك وانه دخل في مرحلة من السخونة بعد سبات عميق.

ورغم كل الاعتراضات على شكل الاعلان عن تحريك ملف النفط بعد لقاء بري وعون واتفاقهما على سلة متكاملة من النفط الى تسيير امور الملفات الاخرى من قانون الانتخاب الى الرئاسة وانهاء شبه قطيعة غير معلنة بين الرجلين بعد طول جفاء وزعل. وقد يسلم البعض جدلاً ان الاعتراضات على ملف النفط قد تكون سياسية او كيدية او خلافاً على الحصص ومناكفات لتحصيل حجم اكبر من المكاسب وغيرها من البدع والاختراعات اللبنانية، فثمة معلومات اقرب الى الهواجس وهي كناية عن اسئلة لم تجب كل هذه الطبقة السياسية كلها عنها. ما هي صحة الاتفاق الروسي- الاميركي - اللبناني والاسرائيلي بالوكالة عبر الولايات المتحدة لتقسيم النفط وتطبيع الحدود البحرية بينهما. بما ما معناه اعتراف غير معلن بالكيان الغاصب والتطبيع معه.

وما هي صحة المعلومات التي نقلها دبلوماسي غربي عن ربط ملف النفط بالرئاسة وهوية الرئيس وقانون الانتخاب والجهة السياسية التي ستكون بيضة القبان في السلطة الجديدة؟

وما هي الضمانات التي تريدها اميركا من لبنان ليسمح له بالبدء بالتنقيب عن النفط وعبر شركات اميركية وروسية وفرنسية؟

لهذه الاسباب كلها وحين تتوفر الاجابات، اذا توفرت، لا فارق في الزمان والمكان ان يستفيض سلام في تهيئة الظروف السياسية وتأمين الاجماع على ملف النفط ليدعو اللجنة الوزارية، ولا ضير من تسجيل بعض النقاط بشكل غير مباشر لمصلحة الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل. في حين تبدو المسائل متشابكة ومعقدة الى درجة ان تتوقف عجلة كل الملفات وتنشب الخلافات من النفط الى الاتصالات الى تلزيم النفايات وكل القوى السياسية تتهم بعضها وبعضها يتهم بعضها الآخر وهلم جراً وجلسات حكومية بلا فائدة او نتيجة على عينك يا تاجر.

فما هم اللبنانيين اذا كانت حساسية تمام سلام عالية من جرذان نواكشوط ومحبًا للتوابل المغربية ولا يرى الجرذان التي تحولت قططاً مفترسة في شوارع بيروت وازقتها وضواحيها الشرقية والغربية والجنوبية ولا يسمع او يشم روائح النفايات المتراكمة بعد تخمرها في الشوارع؟