تشهد الأروقة اللبنانية تحركات بمعظمها غير علنية تتزامن مع الحراك الدولي وبوجه خاص الروسي–الأميركي غير المسبوق، والذي يدفع لاستئناف مفاوضات جنيف الشهر المقبل بعد ما أشيع عن اتفاق بين الطرفين على رؤية موحدة لحل الأزمة السورية. ويُدرك الفرقاء اللبنانيون أن أي أفق للحل السوري يعني تلقائيا قرب موعد الفرج الرئاسي. ولعل رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان أول من التقط الاشارات الدولية وأتقن قراءة المرحلة المقبلة والتي يشكل شهر آب المقبل عنوانها الأبرز، فدعا الى ثلاثية الحوار المرتقبة مطلع الشهر لملاقاة التفاهمات الدولية التي تتسارع وتيرتها قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما.

ويقول دبلوماسيون غربيون أن ما قبل شهر آب لن يكون كما بعده، باشارة الى انّه واذا لم يتم وضع القطار على سكة الحل خلاله، فسيتم الدخول بدوامة خطيرة على مستوى المنطقة كما العالم المهدد يوميا بعشرات العمليات الارهابيّة، بانتظار تبلور ملامح الادارة الأميركية الجديدة وانطلاق عملها، ما قد يؤجل كل الملفات الى منتصف العام المقبل، وبالتالي يُدخلنا في نفق أشد ظلاما قد لا يكون من السهل على الاطلاق الخروج منه.

ويتأهب الأقطاب اللبنانيون وخصوصًا المرشحون للانتخابات الرئاسية لاستقبال شهر آب بكثير من الحماسة. فأحدهم يكرر ومنذ أكثر من عام أن هذا الشهر من العام 2016 سيكون مفصليا بالشأن الرئاسي، فاما يتم انتخاب رئيس للبلاد بعد طول انتظار، أو يُصبح محسوما ان موقع الرئاسة بخطر كما النظام اللبناني والتركيبة التي تقوم عليها البلاد منذ عشرات السنوات. ليس هذا المرشح وحده من يعوّل على "آب الحسم" بل مطبخ الرابية أيضا ينشغل ومنذ فترة بتكثيف اتصالاته وحركته بمحاولة لتقريب وجهات النظر مع تيار "المستقبل" والمملكة العربية السعودية، حتى أن زيارة قربية لرئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون الى الرياض لن تكون مفاجئة في الأيام أو الاسابيع المقبلة. إذ يعي الطباخون في مقرّ اقامة عون أن حليفهم الأبرز حزب الله غير مستعجل على الاطلاق لاتمام الاستحقاق الرئاسي، ويفضل ابقاء الوضع على ما هو عليه لاستخدامه ورقة للضغط حين يحين موعد التسويات الايرانية-السعودية، وان كان هؤلاء يفضلون التغاضي عمّا نُقِل عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري في اللقاء الأخير الذي جمعه مع وزير الخارجية ​جبران باسيل​، لجهة تأكيده أنّه لن ينتخب عون "تحت أي ظرف من الظروف، ولو أتت كل الأمم لانتخابه"، لاقتناعهم أن اعلان المواجهة المفتوحة معه قد تقلّص حظوظ عون الرئاسية الى مستويات غير مسبوقة.

وبانتظار ما سيحمله شهر آب لطرفي الصراع السوري كما للمرشحين الرئاسيين في لبنان، قد يكون من المفيد تتبع الاجتماعات الروسية-الأميركية المتلاحقة وما يصدر عنها لتبيان ما اذا كانت الطبخة قد نضُجت والأهم كيفية اقناع اللاعبين الايراني والسعودي بتذوقها!