قبل أن يسلّم وزير المال ​علي حسن خليل​ القضاء اللبناني ما بحوزته من ملفات ومستندات تدين رئيس ​كتلة المستقبل​ فؤاد السنيورة، وهذا ما هدّد به في الأيام العشرة الماضية، أعاد هذه الملفات الى أدراجها بتدخل ليلي من رئيس التيار الأزرق النائب ​سعد الحريري​. نعم، تدخل الحريري في الليلة التي شعر فيها أن رئيس كتلته النيابية إفتعل له ولتياره إشكالاً سياسياً مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، هو بغنى عنه لا سيما في هذه المرحلة، التي لا يعرف الحريري من أين تأتيه فيها المصائب، السياسية تارةً والمالية بشكل مستمر.

وفي هذا السياق، تفيد المعلومات بأن ما زاد إقتناع الحريري بضرورة التدخل لوضع حدٍّ للإشكال المالي الذي حصل بين وزير المال والسنيورة، هي نصيحة تلقاها من صديقه الذي إعتاد أن يقوم بهذه المهمة، ألا وهو رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط. تدخّل الحريري بهدف إعادة المياه الى مجاريها بين عين التينة وبيت الوسط، إنطلق من إعتبارات عدة تفرض بحسب المتابعين عدم كسر الجرة مع بري. هذه الإعتبارات تبدأ من كون بري يشكل نقطة الإلتقاء الوحيدة التي يجتمع حولها تيار المستقبل مع خصمه اللدود حزب الله، عندما تدعو الحاجة السياسية أو الأمنية لعقد أي لقاء بين الفريقين. كما أن رئيس المجلس هو الوحيد الذي يمكن أن يلجأ اليه "المستقبل" في أي إشتباك سياسي بين الحريري والتيار الوطني الحر، أكان هذا الإشتباك بسبب ملفّ النفط الذي يعتبر بري نفسه عرّابه، أو على قانون الإنتخاب الذي لا تفك عقدة واحدة من عقده إلا بتدخل من رئيس المجلس النيابي والضرب بمطرقته على الطاولة التشريعية، أو على أي ملف آخر.

"خير دليل على تدخل الحريري الليلي لوقف إشتباك السنيورة مع حسن خليل"، يقول نائب في كتلة المستقبل، "نزول النائب ​عمار حوري​ الى مجلس النواب، والإدلاء بتصريح أكثر من هادئ أبرز ما جاء فيه ألاّ مصلحة أو مبرّر لأيّ سجال أو تجريح شخصي ولأيّ مشاحنات في هذه الظروف في ما خصّ الملف المالي". كلام حوري وهو الناطق الرسمي بإسم الحريري في لبنان، كان بمثابة الرسالة التي حملها من "الشيخ سعد" للإعلان عن فضّ الإشتباك بين رئيس الكتلة النيابية ووزير المال-المعاون السياسي لبري.

إذاً تمكن الحريري هذه المرة من تجاوز القطوع الذي كاد السنيورة أن يورّطه به مع رئيس المجلس، قطوع يدفع الى طرح السؤال، لماذا يسمح الحريري لرئيس كتلته النيابية بالتصرف كما لو أنّ رئيس التيّار لا يزال خارج لبنان؟ فهل في الأمر تجنبٌ لخضّة داخل التيار الأزرق لا يريدها الحريري لا سيما في هذه المرحلة؟ أم أنه يحبّذ ما يقوم به السنيورة أحياناً للحفاظ على هامش توزيع الأدوار الذي يعتمده الحريري في التعاطي مع الملفات المطروحة عندما يكون غير قادر على إتخاذ قرار حاسم منها؟

أسئلة من الصعب الإجابة عنها، ما دام السنيورة رئيساً للكتلة النيابية المستقبلية، وما دامت ثنائية القرار موجودة داخل تيار "المستقبل".