في ظل الغيبوبة السياسية اللبنانية والارباك الامني المتصاعد والتهديد الذي يطال عرسال من جديد، يفتح الاسبوع الطالع فلسطينيا على حركة سياسية هادئة، بعدما أقفل الاسبوع المنصرم على حراك لافت، في ظل زيارتي كل من عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" المشرف على الساحة اللبنانية عزام الاحمد، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الدكتور موسى ابو مرزوق.

فلسطينيًا، المسؤولان الرفيعان، لم يلتقيا في العاصمة اللبنانية بيروت حسبما كان متوقعا، والسبب لا يعود وفق مصادر فلسطينية الى "خلافات سياسية" او "تباعد في المواقف" أو "عدم الرغبة في السير قدما في المصالحة الفلسطينية" خاصة وان "حماس" وافقت على المشاركة في الانتخابات البلدية كبادرة حسن نوايا، وانما الى مواعيدهما، اذ لم يتم تنسيق التوقيت بينهما، فغادر الاحمد لبنان قبل وصول ابو مرزوق بساعات.

رغم عدم اللقاء الثنائي، دلت حركتهما على أهمية الملف الفلسطيني وحيويته، إذ حملا ذات الهم وعنوانا واحدا هو حماية ​المخيمات الفلسطينية​ من اي فتنة مع الجوار اللبناني وتحصين أمنها لقطع الطريق على اي اقتتال داخلي، وبينهما منع استخدام المخيمات او استغلالها للانطلاق بعمل أمني ضد العمق اللبناني، وخاصة عين الحلوة الذي شهد انتكاسة امنية تمثلت باغتيال علي عوض الملقب "البحتي"، وقد قرأتها اوساط فلسطينية على انها محاولة جديدة لتأجيج فتيل الاقتتال الفلسطيني الداخلي، بعد فشل المساعي لايقاع الفتنة مع الجوار اللبناني بعد استيعاب الهواجس بالتحضير لعمل أمني ينطلق من المخيم ويستهدق العمق اللبناني، وعلى انها محاولة ايضا لتحجب الاهتمام عن زيارتي الاحمد والدكتور ابو مرزوق، وافشال مساعيهما في تحصين أمن المخيمات وحماية العلاقات وتعزيز التعاون المشترك، بعد النجاح السابق بحماية المخيمات بفضل وحدة الموقف والتنسيق الفلسطيني.

لبنانيا، رغم ان بعض الزيارات للمسؤولين الرفيعين لم تتم وخاصة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وقائد الجيش العماد جان قهوجي والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لاسباب عديدة، إلا أنّ مواقف الأخير لجهة تأكيده أنّ ​مخيم عين الحلوة​ تحت السيطرة كانت لافتة، وهو ما قدّرته المصادر، التي وصفت الرجل بالاطفائي، مشيرة إلى أنّ هذه المواقف جاءت بمثابة رسالة لبنانية ايجابية تلاقي الرسالة الفلسطينية التي بعثها ممثلو القوى الوطنية والاسلامية في لبنان والتي اكدها الرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​ "ابو مازن" في خطابه خلال حفل تخريج الدورة العسكرية الرابعة في مخيم الرشيدية في منطقة صور وكررها كل من الاحمد، وابو مرزوق بتأكيد وقوف الشعب الفلسطيني بكل فئاته وقواه السياسية على الحياد الايجابي على قاعدة "نحن ضيوف حتى ايجاد حل عادل للقضية".

وسط ذلك، انشغلت الاوساط الفلسطينية بمتابعة الوضع الامني والشعبي في عين الحلوة على خلفية ثلاث تطورات، الاول "تململ" لجان الاحياء والقواطع على اللجان الشعبية الفلسطينية وتعليق بعضها التعامل معها بما يشبه "العصيان" على خلفية التقصير في معالجة المشاكل الحياتية ومتابعة القضايا الخدماتية واخرها ترميم المنازل المتصدعة والايلة للسقوط، الثاني دعوة البعض الى دخول الجيش اللبناني الى المخيم لحفظ الامن في اشارة الى الاستياء من تقصير المسؤولين في منع عمليات الاغتيال او كشف الجناة ومعاقبتهم واخرهم علي عوض "البحتي"، والثالث تسليم بعض انصار الارهابي الموقوف احمد الاسير الى مخابرات الجيش اللبناني لانهاء ملفاتهم واستعداد البعض الاخر لذلك.

خلاصة القول، فان الوضع الفلسطيني ما زال على حاله منذ عقود، ويتأرجح عين الحلوة على حباله في الهواء، بين الهدوء والاستقرار حينا وبين التوتير والمخاوف من الانقضاض على الامن اللبناني حينا آخر، لكن المسؤولين الفلسطينيين يشعرون بالاطمئنان كون المخيم حسم قراره بعدم التحول الى بيئة حاضة للمجموعات المتشددة، وكونه لم ينطلق منه اي انتحاري او عمل امني يسيء إلى الاستقرار اللبناني...