لم يعد أمام هذه الحكومة ما تقدّمه سوى السخرية، وكأنها حوَّلت البلد الى البلد الأقوى والأنظف والاقدر والأكثر ملاءة، وحوّلت شعبه الى المرتبة الاولى في مقياس السعادة... نسيت أو تناست انها الحكومة الأفشل في الزمن الاسوأ، فانهارَ كل شيء على ايامها، أو يكاد: اطنان النفايات تفتش عن حل لمعضلتها، بحيرة القرعون تختنق من السموم، مجاري انهر تمتلئ بالمجارير والنفايات، السبعون مليار دولار ديناً تفتش عن اعادة جدولة، أزمة سير تخنق الأنفاس وتسجن الناس في سياراتهم، ومع ذلك تتدلل وتُلمح الى انها ستشارك في القمة العربية في نواكشوط في موريتانيا، لكن الوفد اللبناني، رئيسا وأعضاء، سيبيتون ليلتهم في المغرب ليتوجهوا صباح الاثنين الى نواكشوط ثم يعودون الى المغرب، لماذا؟ لأن رئيس الحكومة هكذا قرر، وعليه فإن جيش الوفد المرافق، من وزراء وسفراء وأمنيين واعلاميين، سيكون حيثما يكون الرئيس!

تصوروا هذه الفضيحة لو ان كل الوفود الرسمية العشرين من الدول العربية، ستقوم بما يقوم به رئيس الوفد اللبناني: أي النوم في المغرب ثم المشاركة في القمة في نواكشوط، فما هذه الاهانة للبلد المضيف؟

***

البلد المضيف لم يسكت، بل ان اعلامه اشتعل غضبا، لم يقتصر الأمر على الصحف بل تعداه الى وسائل التواصل الاجتماعي، وبلغت درجة الغضب حدّا عكسه احد المقالات في احدى الصحف البارزة، ففي موريتانيا اليوم، وتحت عنوان نحن بحاجة الى كل العرب الا لبنان، أورد الكاتب ولد أمغر:

علاقتنا بمعظم الدول العربية علاقة تنطلق من تاريخ حافل وحاضر مشرق وتنضح بتعاون مشترك أثمر الخير للجميع..

فالسعودية مهبط الوحي،

والإمارات جمعتنا بها علاقة جسر مد ينسج خيوطها الراحلان الكبيران الرئيسان المختار ولد دادا والشيخ زايد.

ومصر أم الدنيا،

وللكويت دعم مسجل لنا لا ينقضي، ولنا حضور فيها ودعم،

وحده لبنان لم يقدم لنا في البداية والنهاية الا السخرية غير المستحقة وقد حدثني من زاره مؤخرا ان الجالية الموريتانية هناك لا تتجاوز أربعة اشخاص فقط.

ورغم تصرف أهل لبنان غير الأخوي وغير المفهوم لم نقابله الا بالتي هي أحسن فالجالية اللبنانية عندنا كبيرة ومحترمة ومقدرة وتحتكر العمل في قطاعات حساسة ومدرة.

هذا أقل ما ورد في الاعلام الموريتاني الذي بالتأكيد لم يطلع عليه رئيس الحكومة الذاهب الى نواكشوط وعينه على المغرب.

***

والاقسى، ما كتبه الصحافي الموريتاني الدكتور داداه محمد الامين الهادي تحت عنوان: احتجاج لبنان: البساطة والبطاطة، ويقول في مقاله: يعيش لبنان في قمامة طلعت ريحتكم، ويعيش ومنذ نعومة اظافره، في ظل الفشل المطبق الذي حققته الحكومة كانجاز عظيم، التي هو جزء منها، حيث تقف عاجزة امام بطولة وبسالة النفايات، في وطن، بسبب ذلك الفشل، صار يغرق... يغرق... يغرق تحت الزبالة، وتسمع أصوات شعبه تتعالى من بين القاذورات، لعل الغد يحمل فرجا بات مستحيلا في ظل الفشل المتعاظم، الجاثم القائم القاتم بسبب سوء التدبير.

***

ماذا يريد رئيس الحكومة بعد؟ أليس من الأجدر ان يبدأ كلمته في القمة بالاعتذار من موريتانيا حكومة وشعبا، بالتأكيد فإن نظيره الموريتاني لا يقول عن حكومته ما يقوله رئيس حكومة لبنان عن حكومته بأنها الأكثر فشلا في تاريخ لبنان.