غادر رئيس الحكومة ​تمام سلام​ الى موريتانيا ليلقي كلمة لبنان في القمة العربية، مؤكدا انه اذا ما طرح ملفّ حزب الله "سنؤكد انه مكوّن رئيسي في البلد"، مشددا على انه يحمل معه الى هذه القمة ملف النزوح السوري، وانه سيركز "على ان لبنان بلد مضياف ولكنه لن يكون أبدا بلد التوطين".

وتخوفت مصادر سياسية متابعة من ان تكون معالجته للملفّات التي يحملها الى هذه القمة، كمعالجته للملفّات التي ما زالت عالقة في مجلس الوزراء، بسبب "الصيغة" التي اعتمدها لسير جلسات مجلس الوزراء.

وسألت المصادر ما اذا كان المطلوب من رئيس حكومة "المصلحة الوطنية" تأكيد المؤكد من أنّ حزب الله هو مكون رئيسي في البلد، ام انه من الأفضل والمستحسن، ان يؤكد بأن حزب الله هو مكون أساسي من مكوّنات حكومته، وهو ليس ارهابيًّا، وهو القوة التي هزمت اسرائيل والتي تحملت وتتحمل الكثير في محاربة الاٍرهاب التكفيري، وتساند الجيش اللبناني في مجهوده الجبار لابعاد السيارات المفخخة عن شعب لبنان ومدنه وقراه؟

وقالت المصادر، اذا كان رئيس حكومة لبنان غير قادر على اقناع احدى ​دول الخليج​ برفع حظر السفر اليها عن احد وزرائه، فكيف يمكن له وهو يقول أنّ حكومته أفشل حكومة مرّت على لبنان، من إقناع القمّة العربيّة، او عدد من أعضاء هذه القمة بأنّ حزب الله هو مكون أساسي، وهي التي وضعته على قائمة الاٍرهاب، وتسعى مع معظم الدول العربيّة والعالميّة ان تتبعها في هذا السياق؟

أمّا في ملفّ النازحين السوريين وعزمه على توجيه رسالة الى القمة بأن لبنان بلد مضياف "ولن يكون أبدا بلد التوطين"، يبقى كلاما منمّقا فقط لا غير، لأنّه لو كان هذا ما تسعى وتعمل حكومته بجهد لمنعه، لما كانت أغفلت الكثير من الخطوات التي تقوم بها بعض الدول لتوطينهم في لبنان، والكلام الذي صدر عن أمين عام الأمم المتّحدة بان كي مون، ويتعلق بالعودة الطوعيّة لهؤلاء وضرورة تأمين لهم كل سبل العيش بما فيها منحهم الجنسية، تعاملت معه حكومة سلام بأنه مُحَرَّف وتم استغلاله من قبل بعض القوى السياسية اللبنانية وخاصة المسيحية منها.

كما لفتت المصادر الى الظروف التي ساهمت حكومته في خلقها وأدّت الى فتحِ جبهة عرسال، مع ما رافق ويرافق ذلك من تداعيات على الوضع الأمني والديموغرافي والاقتصادي للبنان، اضافة الى أنّ عددا من وزرائه المسؤولين عن ملفّ النازحين اشتكى من ان المنظّمات الدوليّة تمنح عددا من هؤلاء بطاقة "لاجئ" وليس نازح، من دون علم وموافقة السلطات اللبنانية المختصّة، فهل ستؤهله جميع هذه المعضلات لإقناع العرب بأن لبنان لن يكون البلد لتوطين النازحين السوريين خاصة مع البوادر التي بدأت تظهر في تركيا وتوحي بأن لا خيار امام الدول المضيفة لهم الا بتجنيسهم؟ وأين هي المساعدات التي جال سلام على عدد من الدول، وحضر العديد من المؤتمرات لحصول لبنان على جزء يسير منها؟

ورأت المصادر نفسها من ناحية ثانية، انه كان الأجدى على رئيس الحكومة ان يبحث مع الزعماء العرب وخصوصًا الدول الخليجية، كيفيّة ممارسة الضغوط على أصدقائهم في الغرب كي لا تعرقل اسرائيل مساعي لبنان لاستخراج نفطه وغازه، والتأكد من ان ما يتردّد أنّ بعض العرب لا يرغب بان يكون للبنان ثروة نفطية ليس صحيحا، بدل ان يتلطّى وراء أسباب غير مقنعة، بأنه يريد طرح هذا الملف على مجلس الوزراء وان يعرف رأي باقي القوى لا سيّما وانّه يرى أن الاتفاق بين رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ورئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" ميشال عون حول الملف غير كاف.

وسألت المصادر، "كيف يمكن لسلام إقناع الزعماء العرب بخطابه وحكومته فشلت في معالجة ملفات داخلية أقلّ تعقيدا مثل الفساد، والإدارة، والنفايات، ناهيك عن الشلل في مؤسساته الدستورية، وفي مقدمها الفراغ الرئاسي؟!

ونصحت المصادر سلام بأن المساعدة الاساس التي يمكن ان يطلبها في هذه الظروف من العرب في قمّتهم، هي دعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنيّة التي ما زالت العمود الوحيد الذي يحمي لبنان من تداعيات وحروب المنطقة، وان مستقبل لبنان وعدم انهياره كليا يتوقّف على مدى صمود هذه المؤسسات التي ما زالت تعمل بصمت، وفي ظل ظروف معقدة وصعبة وخطيرة.