لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية إلى أن "مدينة ​القدس​ لم تعد هي القدس التي نعرفها، والتي كانت جزءاً من تاريخنا وديننا وثقافتنا ولم تعد قبلة العرب والمسلمين ولا مدينة الصلاة والإيمان والسلام أو أولى القبلتين وثالث الحرمين"، مفيدةً أن "القدس صارت مدينة أخرى، تغيّر شكلها وسحنتها العربية السمراء، حتى حجارتها الرسولية المضمّخة بدماء مئات آلاف الشهداء الذين دافعوا عن أسوارها وكل حبّة تراب فيها ، صارت حجارة أخرى تئن تحت سنابك خيول الغزاة الطغاة العنصريين الذين يحثّون الخطى لوضع اليد عليها وتهويدها وجعلها مدينة أخرى تتحدث اللغة العبرية، وتصمت أصوات مآذنها وأجراس كنائسها".

وأشارت إلى أن "آخر فصول تهويد المدينة، بناء 770 وحدة استيطانية جديدة من أصل 1200 وحدة بين مستوطنة جيلو وبلدة بيت جالا، تضاف إلى بناء مستوطنة جديدة تشمل 15 ألف وحدة سكنية، كانت بلدية القدس قد أقرّتها في وقت سابق، والى 29 مستوطنة، 14 منها في الجزء المضموم من القدس أي ما يسمى حدود القدس الشرقية، تنتشر في محافظة المدينة على شكل تجمعات استيطانية مكثفة تتخذ الشكل الدائري حول المدينة، أي تطويقها من كل الجهات لمنع أهلها من البناء أو التوسع فيها أفقياً وعمودياً، وإبقائهم في حالة خوف معزولين عن شعبهم وبقية وطنهم، بعدما تمت مصادرة 72 كيلو متراً مربعاً من أرضها، وإسكان أكثر من 200 ألف يهودي في المدينة والمستوطنات التي حولها، بحيث تحوّلت التجمعات السكانية الفلسطينية إلى مناطق معزولة عن بعضها، أشبه بغيتوات مقابل تواصل استيطاني يهودي"، مضيفة أن "سياسة تهجير الفلسطينيين من المدينة وهدم منازلهم، والتضييق على بناء منازل جديدة لهم ، وسحب الهويات ، تعتبر جزءاً من استراتيجية طرد الأهالي منها وخلق واقع جديد لاستكمال عملية التهويد، مع ما يرافق ذلك من سعي للسيطرة على المقدسات الإسلامية والمسيحية من خلال السماح للمستوطنين باستباحتها وانتهاكها بشكل شبه يومي، وأيضاً استبدال أسماء يهودية بأسماء شوارع المدينة وساحاتها وبواباتها ".

وأضافت أن "هذه هي حال مدينة القدس، مدينتنا، مدينة العرب والمسلمين وكل المؤمنين. مدينة الله التي تربط بين الأرض والسماء والتي أسري إليها بالرسول الكريم ، وسار على دروبها السيد المسيح، وفيها كتب الخليفة عمر بن الخطاب عهدته العام 638 هجرية إلى أهالي القدس (إيلياء) وسلّمها إلى البطريرك صفرونيوس، والتي أمنهم فيها على كنائسهم وممتلكاتهم وأنفسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم"، مشيرةً إلى أنه "أبها القدس تعيشين اليوم أسوأ أيام تاريخك كما كان حالُك أيام الصليبيين. أهلك وذوو القربى أشاحوا بنظرهم عنك ، وتطلعوا إلى البعيد البعيد يسرجون خيولهم بحثاً عن عدو آخر غير الذي يستبيحك ليل نهار"، متسائلة "فماذا تبقى منك، لنا ولك؟ لن تتبقى إلا الذكرى والصورة نعلقها على جدران قلوبن".