يبدو ان كل ما يتردد عن انفراج قريب في ملف الفراغ الرئاسي، سواء بانتخاب رئيس تكتّل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون او غيره، لا يزال في اطار التمنّيات من قبل البعض، وسياسة النكد من البعض الاخر، وتحركات خجولة للفاتيكان من اجل اقناع السعوديين والايرانيين بضرورة حل هذه العقدة، التي ستؤدي اطالتها، الى انهيار لبنان، وربما الى خسارة المسيحيين لهذا المركز، عبر تحولات في التركيبة للبنانية.

وتقول مصادر دبلوماسية ان الفاتيكان أرسل مؤخرا احد الكرادلة الى موسكو وواشنطن يطلب منهما الضغط على عدد من العواصم الإقليمية وفي طليعتها طهران والرياض لتسريع انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، دون ان يخوض المسعى الفاتيكاني في أيّ اسم او أي مرشح لهذا المنصب، ولكن لا نتائج عملية حتى الساعة لهذه المحاولة.

وتوضح هذه المصادر ان المعطيات المتوفرة حتى الساعة لا توحي إطلاقا بقرب اي تفاهم إيراني-سعودي حول اي ملف من الملفات الإقليمية المعقدة، سواء في سوريا او العراق او اليمن، وصولا الى لبنان، بل العكس هو الصحيح، حيث ان الحملات الإعلامية المباشرة وغير المباشرة بين الدولتين تزداد شراسة، سواء من خلال مواقف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ضد ايران، او من خلال الاعلام الذي يدور في فلك المملكة العربية السعودية، وخاصة في لبنان، او ما تعبر عنه طهران رسميا او عبر وسائل إعلام حزب الله، الذي يشن حملة عنيفة حول ما تعتبره تقاربا اسرائيليا-سعوديا، بعد الزيارة التي قام بها المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات أنور عشقي مع وفد لا صفة رسمية له.

ولفتت المصادر الى ان التصريحات التي يدلي بها أطراف محلّيون، سواء من تيار المستقبل، او اجواء التفاؤل التي يروّجها انصار عون، لن تؤثر على مسار ​الانتخابات الرئاسية​، وهي مجرّد مناورات في الوقت الضائع.

وذكرت المصادر كيف ان بعض مواقف نواب تيار المستقبل وانصاره المناهضة لانتخاب الرئيس السابق ​ميشال سليمان​، على أساس انه رجل سوريا في لبنان، قد تبدّلت وصوّتوا له، بعد ان جاءت كلمة السرّ في مؤتمر الدوحة، مشيرة الى أنّه وفي غياب أي موقف واضح وصريح جديد من رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، فإن ما يقوله النائبان احمد فتفت وفؤاد السنيورة يبقى في اطار شد الحبال داخل التيار الأزرق بين مؤيّد لوصول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا ومعارض له.

ونبّهت المصادر الى ان موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري من تأييد العماد ميشال عون يبقى العقبة الكبرى، بالرغم من آراء الكثيرين الذين يرون ان رئيس السلطة التشريعية لن يخرج في النهاية عن الاجماع الشيعي المتمثل بحركة امل وحزب الله، خاصة وان هذا الاخير لا يزال يصر على تأييد عون لمنصب رئاسة الجمهورية.

وتوقفت المصادر نفسها عند ما يردده بري امام زواره انه لن يبحث مع احد تأييد ميشال عون قبل ان يتراجع هذا الاخير عن موقفه من ان المجلس النيابي غير شرعي، وهذا امر يبدو ان أمامه صعوبات كبرى، وربما استحالة، الا اذا استطاع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله جمع الاثنين تحت سقف واحد بهدف التوصل الى مخرج لهذا المأزق لا يحرج عون، ويحفظ ماء وجه بري، ولكن هذا الامر لن يحصل الا اذا تيقن نصرالله من ان هذه العقبة هي الوحيدة التي ما زالت تعترض انتخاب عون رئيسا للجمهورية.

اما تفاؤل وتمنيات انصار رئيس تكتل التغيير والإصلاح فمردّه، وبحسب هذه المصادر، الى عدة عوامل، أهمها:

- ان عدم تراجع حزب الله عن تأييد عون لرئاسة الجمهورية، وان لم يفلح بعد بتأمين انتخابه، جعله المرشح الثابت الوحيد بين كل الأسماء التي طرحت او يمكن ان تطرح.

- تأييد ​القوات اللبنانية​ ورئيسها سمير جعجع لهذا الترشح وسعيه لدى حلفائه وفي طليعتهم سعد الحريري جعل تفاؤل العونيين اكثر ثباتا.

- اعلان فرنسا التي كانت ترسل بعض الرسائل بانها تعارض انتخاب عون رئيسا، بان لا اعتراض لديها على احد معتبرة ذلك شأن لبناني، عزز من تفاؤل العونيين.

- معرفة رئيس تكتّل التغيير والاصلاح وانصاره بأن الفاتيكان يعمل بصمت لصالح ما تعتبره اكثر الزعماء اللبنانيين تمثيلا للموارنة في لبنان خاصة بعد تأييد قوة مسيحية اخرى فاعلة له مثل القوات اللبنانية.

وخلصت المصادر الى ان صمت الزعماء اللبنانيين وعدم وجود مواقف جديدة لهم حيال مرشحيهم للرئاسة غير المواقف التي أعلنوها سابقا، يضاف الى ذلك الجمود الذي يخيّم على العواصم الإقليمية والدولية حول ملف لبنان وانتخاباته الرئاسية ومشاكله المتعددة والشائكة، يدعو الى الاستنتاج ان الوضع في لبنان سيبقى في الثلاجة، مع ما يعني ذلك من توقعات تميل المصادر الى الاعتقاد بانها لن تصب في مصلحة استقرار لبنان وتركيبته الحالية.