"ما بعد ليل الانقلاب العسكري في تركيا لن يكون حُكماً كما قبله؛ فدمشق أول المستفيدين من تداعيات هذا الانقلاب، وسنشهد مستجدات ميدانية هامة وغير مسبوقة في سورية قبل نهاية العام".. تعليق لدبلوماسي غربي في العاصمة الأردنية عمّان على مشهد ليلة الخامس عشر من تموز في تركيا، ناقلاً عن مسؤول رفيع المستوى في جهاز الأمن الألماني، تأكيده أن الرئيس السوري بشار الأسد جهّز "ضربات استراتيجية" لأعدائه مقابل إفشال الاستخبارات الروسية والإيرانية الانقلاب العسكري الذي كاد يُطيح برجب طيب أردوغان، في وقت يترقب النظام السعودي بتوجُّس تداعيات هذا الانقلاب على الساحة السورية، في ظل انغماس أردوغان بمواجهة أزمة داخلية خطيرة قد تمتدّ لسنوات، ستُقصيه حتماً عن إكمال دوره بدعم مسلحي "المعارضة السورية"، تحديداً في حلب، خصوصاً بعد تقاربه اللافت مع موسكو، والذي تزامن مع سحب "مزدوج" مفاجئ لضباط استخباريين أتراك من جبهات أساسية في المدينة، كما لراجمات صواريخ أميركية من نوع "هيمارس" عن الحدود التركية مع سورية، كانت أنقرة قد نصبتها وفق اتفاق سري مع واشنطن في شهر أيار الماضي.

وتزامناً مع ما أوردته تقارير صحافية أرجعت فشل الانقلاب العسكري في تركيا إلى دور هام للاستخبارات الإيرانية، عبر إبلاغ أردوغان قبيل أربع ساعات من وقوعه، رافقه مؤازرة روسية لافتة ساهمت أيضاً في إفشاله، وفي مقابل ما كشف عنه خبراء عسكريون روس واكب معلومات المحلل الروسي فلاديمير موخين، حيث رجّح إذعان أردوغان لطلب إيراني - روسي بـ"فسخ" التعاون العسكري مع السعودية حيال توريد الأسلحة إلى مسلحي المعارضة في سورية، لفتت معلومات لكبريات الصحف الغربية، إلى أن مسؤولي النظام السعودي زادوا من وتيرة اجتماعاتهم الأمنية مع نظرائهم "الإسرائيليين" بشكل كبير في الفترة الأخيرة، كان آخرها اجتماع ضمّ ضباطاً من أجهزة استخبارات الجانبين في صفد مع قادة من "جبهة النصرة".

معلومات صحفية روسية تقاطعت مع تقرير للكاتب الأميركي بيل فان اوكين في موقع "wsws"، رجّحت انقلاب الصورة بشكل كبير في سورية عقب الانقلاب العسكري في تركيا. الكاتب الذي أكّد مشاركة كبار الضباط الأتراك الموالين للولايات المتحدة في المحاولة الانقلابية، بينهم قائد قاعدة انجرليك الجوية، لفت إلى أن للرئيس أوباما ضلعاً فيها، وهو كان يريد رؤية أردوغان ميتاً قبل إنقاذه من قبَل الروس، وفق تعبيره. وإذ أشار إلى أن "إفشال" الانقلاب سيكون ثمنه تقارباً تركياً "استراتيجياً" مع روسيا وإيران في الفترة المقبلة، مقابل مزيد من التوتر مع واشنطن، كشف اوكين أن أردوغان كان يتوقع "طعنة" أميركية في ظهره، سيما أنه اطلع على تقرير لموقع "فورين بوليسي" في منتصف شهر حزيران المنصرم، تضمّن إشارة جون حنا؛ مستشار الأمن القومي لمعاون الرئيس الأميركي السابق ديك تشيني، إلى انقلاب عسكري بات وشيكاً على حكم أردوغان، واصفا إياه بـ"الرجل الخطير على الشرق الأوسط وأوروبا، والولايات المتحدة بشكل خاص".

وربطاً بالأمر، رجّحت المستشارة السابقة لرئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة؛ سارة شايز، أن يتطور التقارب التركي مع روسيا بشكل تصاعدي عقب الانقلاب العسكري الذي أفشله "خصوم الأمس حلفاء اليوم"، ما سيؤثر بشكل كبير على سير العمليات العسكرية في سورية، تحديداً في حلب، حيث لعب أردوغان دوراً كبيراً في دعم ورعاية مسلحي المعارضة السورية ضد الرئيس بشار الأسد، تلبية لأوامر واشنطن وحلفائها، كاشفة أنه إضافة إلى "الجائزة الثمينة" التي تلقّفها الأسد جراء غرق خصمه اللدود في مواجهة تداعيات الانقلاب، فإن جائزة أخرى تبدو بانتظاره نتيجة "خطر داهم" بات يتهدد العائلة السعودية الحاكمة، وذلك استناداً إلى تقارير استخبارية أميركية.. وكانت شايز كشفت في تقرير لها في صحيفة "ذا اتلنتيك" تحت عنوان "الاستعداد لانهيار السعودية"، أن واشنطن بدأت فعلاً بالتحضُّر لما بعد انهيارها، مسبوقاً بتقرير مماثل في "نيويورك تايمز"، نقل عن مارتن انديك؛ مساعد وزير الخارجية السابق قوله إن "السعودية باتت تشعر بخيوط مخطط أميركي لإسقاط نظامها".

وعلى وقع ترجيح موقع "ديبكا الإسرائيلي" أن يبدأ الجيش السوري وحزب الله وقوات أخرى بشنّ هجوم شامل على مسلحي حلب، بعد سيطرتهم على طريق الكاستيلو وإطباق الحصار على المدينة، نقل الموقع عن مسؤولين عسكريين كبار في تل أبيب، توجّسهم من معلومات استخبارية تضمنت "ضربات جهّزها الأسد ونصر الله في لقاء جمعهما مؤخراً"، قد تُتوَّج بقرار الحسم العسكري في غضون شهور أربعة.