مرة جديدة عادت "فوبيا" التنسيق مع ​الحكومة السورية​ إلى الساحة اللبنانية من جديد، في ظل تعاظم الخطر الإرهابي على مستوى العالم، بالتزامن مع تراجع المساعدات التي يقدمها المجتمع الدولي إلى النازحين السوريين في البلدان المجاورة.

في السابق، طرح هذا الملف في أكثر من مناسبة، لكن كل مرة كان يصطدم بالعديد من الإعتراضات المحلية، أبرزها من جانب قوى الرابع عشر من آذار لا سيما تيار "المستقبل"، في حين كانت قوى الثامن من آذار من الداعمين له، لكن هل تغيّر الواقع اليوم في ظل التطورات التي تشهدها سوريا والعالم معها؟

على هذا الصعيد، تجدد مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، مطالبتها الحكومة اللبنانية بالتنسيق مع زميلتها السورية للحد من التداعيات، رداً على طرح رئيس الحكومة ​تمام سلام​ ايجاد مناطق عازلة للنازحين السوريين في سوريا، لا سيما ان المخاطر في حركة إرتفاع غير مسبوق، وتشير إلى أن تجاهل هذا الواقع أمر لا يمكن السكوت عنه بأي شكل من الأشكال، فالمطلوب حماية الداخل أولاً وأخيراً، وهذا لا يمكن أن يتحقق من دون العمل على معالجة أزمتي النازحين والإرهاب.

وترفض هذه المصادر الحديث عن أنها تربط من خلال مواقفها بين النازحين والجماعات الإرهابية، لكنها تشير إلى أن هناك واقعاً تستفيد منه تلك الجماعات لإحداث خرق أمني، وبالتالي من المفترض العمل على إغلاق هذه الثغرة الخطيرة، وتلفت إلى أن هذا النقاش قائم في أعظم البلدان التي تدعي شعوبها الدفاع عن قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتضيف: "نحن لا ندعو إلى طرد النازحين بل نطالب بتنظيم تواجدهم في لبنان لمنع إستغلالهم، بالإضافة إلى تخفيض أعدادهم في حال كان ذلك ممكناً".

بالنسبة إلى هذه المصادر، الخطوة الأولى يجب أن تكون عبر التواصل مع دمشق من خلال السلطات المختصة، وطرح الموضوع لتأمين نقل الجزء الأكبر من النازحين إلى مخيمات تقام في الداخل السوري، وتشدد على أن هذه القضية لا علاقة لأي جهة ثالثة فيها، خصوصاً أن أغلب دول العالم لا تقدم المساعدات اللازمة، كما أن من يقطع الوعود بالعمل على تأمينها يريد حماية نفسه، وبالتالي من حق اللبنانيين أيضاً أن يبحثوا عن أي وسيلة لتعزيز إستقرارهم، طالما هم متروكون لوحدهم لمواجهة هذه التحديات، وتسأل: ما الذي يمنع إستغلال النازحين من قبل الجماعات المتطرفة، ومن قال أن الإقتصاد اللبناني قادر على تحمل المزيد من الأعباء في ظل واقعه المعروف من قبل الجميع؟

في الجهة المقابلة، لا تزال قوى الرابع عشر من آذار عند مواقفها السابقة، حيث تؤكد مصادر نيابية في كتلة "المستقبل"، عبر "النشرة"، أن هذا الأمر غير مطروح على الإطلاق، لا سيما أن ليس هناك من حكومة سورية تحظى بالشرعية للتنسيق معها، وتدعو إلى الإستمرار في طرح مسألة النازحين مع المجتمع الدولي، وتضيف: "المناطق الآمنة لا يمكن أن تطلب من دمشق، فهؤلاء هاربون من نظامها، لكن من الممكن دعوة الأمم المتحدة إلى إقامة مخيمات في الداخل السوري أو على الحدود يعود إليها هؤلاء".

وتشدد هذه المصادر على أن هذه الأزمة كان من الممكن معالجتها في البداية، فيما لو أقدمت الحكومة السابقة على تنظيم عملية النزوح ضمن مخيمات تتوفر فيها كل الشروط التي تمنع إستغلالهم وتحفظ الإستقرار اللبناني، لكنها تعرب عن أسفها لأن العنصرية التي تعامل بها البعض أوصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم.

من وجهة نظر المصادر نفسها، التنسيق مع الحكومة السورية الحالية يعني إعطاء شرعية لها، الأمر الذي قد يكون له تداعيات على الواقع اللبناني، بغض النظر عن الوفود التي تزور دمشق في الوقت الراهن، وتشير إلى خطورة القيام بمثل هذه الخطوة بصورة منفردة، لا سيما أن أغلب الدول العربية تعارض هذا الأمر، وتضيف: "في الأصل لا يمكن أن نبحث عن حل مع المسؤول عن المشكلة".

في المحصلة، القضية في مكانها منذ اليوم الأول لبدء الحرب السورية، ولم تدفع المخاطر الإرهابية، أو تخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته، قوى الرابع عشر من آذار إلى مراجعة حساباتها، بالرغم من أن الحديث عن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد بات من الماضي، ما يعني أن الأمور مرجحة إلى المزيد من التعقيد.