بعد كل جلسة لمجلس الوزراء يطرح فيها ملف الإتصالات على طاولة البحث، ترتفع الأصوات المطالبة بتطيير مدير عام أوجيرو ​عبد المنعم يوسف​، تارةً لأنه يشغل أكثر من وظيفة عامة خلافاً للنصوص والقوانين، وتارةً أخرى لتورطه بملف الإنترنت غير الشرعي وملف التخابر الدولي غير الشرعي وقضية الغوغل كاش، وأحياناً لأن هيئة أوحيرو التي يديرها حجبت عن الشركتين المشغلتين للهاتف الخلوي في لبنان خدمة الإنترنت بالأسعار التي تضعها الدولة، ما دفع بالشركتين المذكورتين الى شراء الخدمة من الشركات الخاصة الأمر الذي كبّد الخزينة خسائر بملايين الدولارات.

تارةً يقولون إن قيادة تيار المستقبل وتحديداً رئيس الكتلة النيابية الزرقاء فؤاد السنيورة رفعا الغطاء السياسي عن عبد المنعم يوسف ولم يعد هناك من سبب يعيق إقالته ومحاكمته بكل التهم الموجهة اليه منذ عهود الوزراء جبران باسيل وشربل نحاس ونقولا صحناوي وحتى اليوم. وتارةً أخرى يسوّقون لنظرية أن رفع الغطاء عن يوسف من قبل تيار المستقبل غير كاف لتطييره ما دام يحظى بالدعم الكامل من وزيره المباشر أي وزير الإتصالات ​بطرس حرب​. تارةً يقرأ اللبنانيون أن حرب تخلى عن يوسف، وأن ساعة نهاية "السوبر مدير عام" إقتربت، وتارةً أخرى ينقل عن مصادر مقربة من الوزير بأن الأخير سيدافع عن مدير أوجيرو حتى تثبت إدانته.

وسط هذه المعلومات المتضاربة حول مصير يوسف والغطاء السياسي الذي يتسلح به لمواجهة الجميع، من حزب الله ورئيس لجنة الإعلام والإتصالات النيابية النائب حسن فضل الله، الى تكتل التغيير والإصلاح وصولاً وزراء الحزب التقدمي الإشتراكي الذين إنضموا في الآونة الأخيرة الى جبهة محاربة مدير عام أوجيرو، هناك بين المتابعين لملف الإتصالات من يجرؤ على قول ما لم يجرؤ أحد على قوله حتى اليوم وتحديداً في ما خصّ الغطاء الذي يشكل درعاً واقياً من الرصاص السياسي والإتهامي الذي يطلق بإتجاه يوسف. إنه وزير سابق، لا يتردد في قول الحقيقة كما هي، بناء على معطيات لديه تؤكد أن حماية يوسف التي تبقيه في مواقعه ووظائفه أكبر بكثير من دعم تيار المستقبل أو وزير الإتصالات الحالي. معطيات تتحدث عن سفارات أجنبية بارزة وفاعلة في لبنان، تطلب من يوسف بين الحين والآخر داتا إتصالات خاصة بأرقام محددة تريد هذه السفارات مراقبتها وتعقبها ومعرفة معلومات عن أصحابها، وما من أحد ينكر في لبنان بأن عبد المنعم قادر تقنياً على إعطائها الى أي كان ومن دون العودة الى مجلس الوزراء. سفارات هي التي تغطي فعلياً مدير عام أوجيرو وتوعز الى هذا الفريق السياسي أو ذاك بضرورة الدفاع عنه نظراً لما تتمتع به وظيفته من طابع أمني بحت أكثر بكثير من الطابع الوظيفي المؤسساتي الملاصق للوظائف الأخرى غير العسكرية والأمنية.

وإذا كان هناك من يشك بقدرة يوسف على تزويد هذه السفارات بما تريد، فليعُد الى أرشيف السنوات الماضية وتحديداً الى كيفية تعاطيه مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، وكيف كان يعطي الداتا لهذا الجهاز ويحجبها عن جهاز أمني لبناني آخر، من دون أن يتمكن أي فريق سياسي من محاسبته.