كأن شيئاً لم يكن، طرد رئيس حزب الكتائب وزيراً يعتبر «سوبر اكسترا» من الحزب ومن الرعيل الحزبي الاول ومن المؤسسين، وكأن شيئاً لم يكن ايضاً على حدّ قول مصادر مسيحية، يستمر سجعان قزي في ممارسة عمله في وزارة العمل وربما بنشاط ومواقف اكثر من السابق وان كانت هذه المواقف محظر نشرها في وسائل اعلام الكتائب، هكذا مر قرار حزب الكتائب بسحب وزرائه الثلاثة من الحكومة فلم يحدث زلزالاً او صدمة حكومية ولم يترك اثراً على الصعيد السياسي او الحكومي، فاتى القرار الكتائبي بدون مفعول حكومي وحتى بدون ترددات حكومية وخصوصاً ان قرار عدم المشاركة في مجلس الوزرارء اقتصر على الوزير ألان حكيم وحده، فيما محاكمة ناشطين عونيين في التيار الوطني الحر بتهمة التمرد على قرار القيادة والظهور الاعلامي امام المحكمة الحزبية يكاد يهز «عرش» جبران باسيل ويكاد يقلب الامور رأساً على عقب في الرابية.

فالامور في حزب «الله والوطن والعائلة «وان شهدت مداً وجزراً او تخبطاً كتائبياً الا انها تسير بالمؤكد ضمن روتين معين، او بوتيرة تختلف عن السابق خصوصاً ان نفس رئيس حزب الكتائب سامي الجميل لا يشبه نفس او مسار والده الرئيس امين الجميل، فالحزب بات يخطو مع سامي الجميل خطوات بعضها جريئة وبعضها عشوائية ترتد سلباً على مسيرة الحزب السياسية والحزبية بحسب المصادر، وقد وجد كتائبيين قدامى انفسهم خارج هذا المسار قبل ان يخرجهم سامي بنفسه. فالرئيس الحالي للحزب يحاول تحقيق اختراقات في السياسة خصوصاً ان الكتائب بقيت خارج نادي او تحالف الاقوياء مسيحياً منذ تفاهم معراب، وعليه فان رئيس الحزب يحاول مد جسور مختلفة على الساحة المسيحية قد لا تستثني 8 آذار وقد تفاجىء آخرين نظراً لموقع سامي الجميل وقربه من تيار المستقبل الى ان خصوصية الوضع المسيحي يتم فهمها من قبل تيار المستقبل.

يتحسس الجميل بأن تقارب التيار الوطني الحر والقوات مع كل شوائبه في الانتخابات البلدية سوف يتكرر في الانتخابات النيابية، وبالتالي لا بد من البحث عن سبل لاختراق تلك الحالة المسيحية تضيف المصادر او ربما البحث عن شركاء او حلفاء جدد في المناطق المسيحية خصوصاً ان لا مشكلة لدى الكتائب مع الفريق الآخر في الوطن وتحدديداً مع المستقبل بعد ان اصبح الشيخ سامي الرقم الاول مسيحياً لدى رئيس تيار المستقبل. واذا كانت وضعية ميشال المر والتنافس مع الرابية في المتن واقعاً ازلياً لا يمكن محوه وفي حين انكسرت الجرة بين الرابية وبنشعي على خلفية كرسي الرئاسة، وفي حين يواجه تفاهم معراب مجموعة استحقاقات وخصوصاً ان الانتخابات البلدية لم تأت على مستوى طموح الرجلين، فان حزب الكتائب يحاول ان «يلعب» مجدداً على الساحة المسيحية، هكذا حصلت زيارة سامي الجميل الى دارة اليرزة للوقوف «على خاطر» رئيسة الكتلة الشعبية التي ضربها التحالف المسيحي في زحلة وطعنها في الظهر، وهكذا سعى الجميل لمد جسور الى معراب لم يسعفه في تمتينها تصريح الرئيس امين الجميل بعد حين عن دور معطل لرئيس القوات في الاستحقاق الرئاسي من خلال التمسك بخيار ميشال عون.

النائب سامي الجميل معروف بطبعه الثوري والشبابي يحاول تعويم الكتائب مسيحياً وتمرير الصدمات الحزبية وفق المعادلة الراهنة «الامر لي كتائبياً» او «لا صوت يعلو فوق صوت الشيخ»، ويعمل على اللعب على تناقضات الشارع المسيحي في رأي المصادر، هكذا يصبح الانفتاح على الخصوم حاجة حزبية، فالعلاقة مع المستقبل لا لبس او شك فيها منذ احتفال البيال الذي ظهر تقارب الحريري الجميل مقابل النفور مع معراب، ومع الضاحية لا اشكالية قوية رغم مواقف الصيفي من السلاح وتدخل حزب الله في سوريا، وهكذا ايضاً فان الانفتاح على قائد المغاوير السابق شامل روكز ليس عملية معقدة، خصوصاً ان روكز لا يمكن ان يتعاون انتخابياً مع القوات اللبنانية وما انتخابات بلدية جونية الا نموذجاً سيئ لتلك العلاقة. اما زيارة الجميل الى دارة السيدة ميريام سكاف في اليرزة فجرى تحميلها اكثر مما تستحق من التفسيرات في التوقيت والمضمون السياسي، فعملياً منيت رئيسة الكتلة الشعبية بخسارة مدوية في الانتخابات البلدية في وجه تحالف الاحزاب في زحلة وهي تبدو اليوم محاصرة من قبل الاحزاب نفسها التي اسقطتها في الاستحقاق البلدي، وبالتالي فان استحقاق الانتخابات النيابية يكاد يصبح على الابواب وثمة من يسعى لتصفية حسابات او لجوجلة تحالفات جديدة. فالجميل اختار ان يزور سكاف في اليرزة من اجل التضامن او ربما الدعم المعنوي فتجمعت ردود الفعل والاعتراضات بعضها من داخل البيت المركزي بمحاولة احداث شرخ كتائبي بربط احداث الماضي بالحاضر وجريمة قتل شقيق النائب ايلي ماروني وتهريب القاتل، والجميل الذي وجد نفسه ذات ليلة كانونية خارج تفاهم معراب يحاول البحث عن حلفاء جدد خصوصاً ان الكتائب تكتشف شيئاً فشيئاً انها لا يمكن ان تنصهر في التفاهم المسيحي الذي حاكت خيوطه الرابية وفصلته معراب على قياسهما المسيحي.