لفت السيد علي فضل الله إلى أن "القمّة العربيّة الّتي عُقِدَت في موريتانيا، وأظهرت مجدداً مدى الترهل الذي وصل إليه الواقع العربي، ففي الوقت الّذي يضج العالم العربي بالفتن والحروب والصراعات والأزمات التي تهدد كيان دوله ووحدتها ومستقبلها ونجد هذه القمة تخرج ببيان بارد، ليس فيه سوى دعوات لحلول سياسية تجري في اليمن وسوريا"، آملا بـ"إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني نعم، الحرارة الوحيدة في البيان لمسناها في الفقرات المتعلقة بإيران، حيث أدان تدخلاتها، وكأنها البلد الوحيد الذي يتدخل، ولا يوجد تدخلات لقوى كبرى أو إقليمية".

وخلال خطبة صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، أشار إلى أنه "كان المطلوب من هذا العالم العربيّ دائماً، أن يكون بمستوى آمال شعوبه والتحدّيات الّتي تواجهه ولكن ذلك، مع الأسف، لم يحصل سابقاً، ولن يحصل الآن ولا زالت آمال الشعوب العربية بوحدتهم الجامعة خائبة، في الوقت الذي ينبغي أن يستيقظ هذا العالم من كبوته، ويشعر بأنّه يستطيع صنع الكثير إن توحَّدت جهوده في التعامل مع قضاياه، ولم يعد أداة لشرعنة السقوط العربيّ"، لافتاً إلى أنه "تبقى الإيجابية في هذه القمة في أنها ساهمت في تعريفنا إلى وجود دولة عربية كبيرة كموريتانيا وكان شعبها حاضراً، ولا يزال، لدعم قضية فلسطين وشعبها، ووقف مع الشعب اللبناني خلال حرب تموز في العام 2006 وهو يعيش المعاناة الاقتصادية والتنموية التي تحتاج إلى وقوف الدول العربية معها".

وأضاف أن "المعاناة من الإرهاب لم يعد له حدود، ففي الوقت الذي ضرب خلال الأسبوع الماضي في الكاظمية وفي القامشلي في سوريا، كان آخر استهدافاته في مدينة الفرنسية، من خلال اعتدائه على كنيسة فيها وقتل كاهنها، ما بات يستدعي تضافر جهود الجميع لمواجهته، حيث لم يعد من المقبول القول إنه يستهدف ديناً أو مذهباً أو قوميّة أو حضارة، بل هو يستهدف الجميع، وحيث يجد فرصة لذلك، وكأن هناك يداً خفية تحركه وتريد له أن يعبث بالجميع ويخلق فتناً بين الجميع"، مشيراً إلى أن "الارهاب كما يصيب المسيحيين والغرب، يصيب العرب والكرد والمسلمين، وهو يهدد السنة كما يهدد الشيعة وهو ما يتطلب مواجهة منطلقاته الفكرية والثقافية والدينية، وإيقاف الدعم السياسي والمالي الذي يتلقاه، حيث لا يزال هناك من يراهن على هذا الإرهاب ليحقق منه أهدافه السياسية".

وأشار إلى أن "معاناة اللبنانيين تستمرّ في أبسط مقوّمات الحياة، في الماء والكهرباء والصّحّة، في ظلّ عجز مجلس الوزراء عن القيام بدوره في حلِّ الأزمات، بفعل المناكفات الّتي تعصف به، والّتي تعطّل أي مشروع حيويّ أو تنمويّ، وبفعل تعطيل بقيّة المؤسّسات أو استمرار الفراغ فيها، أو بفعل الفساد المستشري الّذي بات الحديث عنه أمراً طبيعياً في هذا البلد، بحيث لا يحرك ساكناً"، لافتاً إلى أنه "ينتظر اللبنانيون بفارغ الصّبر نتائج الحوار الّذي سيجري، والذي يجمع القيادات السّياسية في البلد، وقد كبرت ملفاته بفعل ترحيل المشاكل إليه، حتى الصّغيرة منها"، آملا "أن يخرج هذا الحوار بنتائج تساهم في ملء الشغور في رئاسة الجمهورية، وتسيير عجلة المؤسّسات في هذا البلد، والاتفاق على قانون انتخابي ونحن دائماً نؤكّد أنّ القيادات السّياسيّة قادرة على اجتراح الحلول لو أرادت ذلك".

وأكد فضل الله أن "نحن سنبقى نراهن على وعي اللبنانيين، الَّذين من مسؤوليّتهم أن لا يتركوا بلدهم ينهار أو أن يكون في عين العاصفة، وأن يشكّلوا أداة ضغط على القوى السّياسيّة، لكي تراجع حساباتها، وتعمل على رفع معاناة الإنسان والتّخفيف منها"، آملا "في ظلّ الحديث عن خوف من توتر يحدث في مخيم عين الحلوة، أن تتضافر جهود القيادات الفلسطينيّة لمنعه ومحاصرته، والقيام بتنسيق شامل مع القوى الأمنيّة اللبنانيّة الّتي نثق بقدرتها على النيل من كلّ الّذين يريدون الإساءة إلى الفلسطينيّين في لبنان، أو إلى العلاقات الفلسطينيّة اللبنانيّة".

ونوه فضل الله بـ"التّكاتف الّذي يبديه المسلمون، إذ اعتبروا أنّ ما حصل في الكنيسة في فرنسا، يستهدفهم ما فوّت الفرصة على الإرهابيين الَّذين كانوا يريدون لهذا العمل أن يساهم في زيادة التوتر بين المسلمين والمسيحيين، وبين المسلمين والغرب، والَّذي يعمل اليمين المتطرف في الغرب على تأجيجه، من خلال اتهام العرب والمسلمين الّذين هم أيضاً ضحايا لهذا الإرهاب.".

كما أمل "أن تساهم التطوّرات الأخيرة في سوريا في دفع الأمور نحو جادة المفاوضات، لا أن تكون سبباً في تسعير الصراع وفتح جبهات جديدة، كما يتحدث البعض، حيث بات واضحاً أنّ الحلّ في سوريا هو حلّ سياسيّ تساهم فيه كلّ القوى الحريصة على وحدة سوريا وقوّتها، وهؤلاء الذين لم يتلوثوا بالإرهاب".