ضحك سياسي مطَّلع كثيراً عندما سمع وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​ يتحدث عن قرب بت موضوع رئاسة الجمهورية. لم تصل أي إشارة إلى لبنان ولم تتبلغ أي كتلة نيابية أو سياسية بوجود معطيات جديدة حول الاستحقاق الرئاسي. يبدو تلميح المشنوق عن وجود مؤشرات في هذا السياق وكأنه تنجيم وتوقعات وتحليلات لا أكثر.

في الأسابيع الماضية، ساد الاعتقاد أن أمر الرئاسة حُسم لصالح رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون. بعضهم بنى تحليلاته على أساس زيارة وزير الخارجية الفرنسي ​جان مارك ايرولت​ إلى بيروت. وبعضهم رأى في حديث رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ عن عدم ممانعته انتخاب "الجنرال" تأكيداً على حسم الموقف لمصلحة عون.

السياسي المطّلع نفسه جزم بأن لا جديد حتى الآن، بإنتظار ما سيتظهر في معارك الشمال السوري، فإذا إستمر تقدم الجيش السوري في حلب، فإن هذا التطور معطوفاً على مجريات الأحداث التركية التي تشغل الرئيس رجب طيب اردوغان داخل بلاده، سيؤدي إلى فرض التسويات في كل المنطقة ومنها لبنان. حينها سيكون التوافق سيد الموقف حول الرئاسة اللبنانية، بغض النظر عن شخص الرئيس العتيد. فلا السوريون حسموا موقفهم الى جانب عون أو النائب ​سليمان فرنجية​ ولا الايرانيون أو الروس قالوا كلامهم النهائي، ما يعني إمكانية خلط الأوراق من جديد لصالح مرشح توافقي.

حظوظ زعيمي تكتل "التغيير والإصلاح" و"المردة" تتساوى حتى الآن، يُضاف اليها وجود قائد الجيش العماد جان قهوجي كمرشح طبيعي للرئاسة تفرضه طبيعة المواجهة المفتوحة مع الاٍرهاب، أو العميد المتقاعد شامل روكز الذي يحظى بتأييد ضمني لا بأس به.

بالنسبة الى توجهات الكتل النيابية، يبدو المشهد هو ذاته مع بعض التعديلات.

لا يزال رئيس تيار "المستقبل" ​سعد الحريري​ متمسكاً بمبادرته بترشيح فرنجية. هو يتواصل مع زعيم "المردة" بشكل شبه يومي. لكن المعلومات تتحدث عن وجود نواب وشخصيات سياسية قريبة من الحريري تحاول تغيير رأيه لتبني ترشيح عون أو اعلان الاستعداد للتنازل عن ترشيح فرنجية لمصلحة بديل توافقي. غير أن الحريري يرفض تلك الاقتراحات.

نواب في التيار "الوطني الحر" يردّدون كلاماً في مجالسهم عن أن المشنوق حسم موقفه بالتصويت لمصلحة عون وأن آخرين "مستقبليين" سيحذون حذوه.

ترفض أوساط "المستقبل" تلك الأحاديث وتصر على القول أن الفكرة لم تُطرح بتاتاً. فلا اتفاق حصل مع "العونيين" وتستبعد حصوله أيضاً، ولا تنازل عن مبادرة الحريري القائمة أساساً.

فهل أراد المشنوق تحريك الجمود؟ أم انه بنى موقفه على أساس معطيات "عونية" انطلاقا من الحديث عن نية فرنجية بالانسحاب؟ لاحقاً جاء نفي زعيم "المردة" الشائعات التي تتحدث عن نيته الانسحاب فأعاد الامور الى تموضعاتها القائمة.

بالانتظار تأتي ​طاولة الحوار​ بعد أيام لطرح عناوين شائكة. سيحمل كل طرف رؤيته وترشيحه الى عين التينة في خلوة تمتد لثلاث ايام، وسيكون رئيس المجلس نبيه بري حاضراً لتمديد الوقت في حال لمس أي تقدم.

تلك الطاولة تشبه مؤتمر الدوحة، مع فارق ان اللبنانيين سيعتمدون على أنفسهم هذه المرة.

هناك من يقول سلفاً "اننا ذاهبون لتلبية طلب بري ورفع العتب وبعدها سنذهب للاستعداد لانتخابات نيابية على أساس القانون النافذ بعد اعلان الفشل في إيجاد قانون بديل".

كل المعلومات تفيد ان الانتظار اللبناني هو سيد الموقف: فإذا أردنا أن نعرف ماذا سيجري في لبنان، علينا ان نعرف ماذا سيجري في حلب.