يتحفظ حزب الله عن الخوض في الاستحقاق الرئاسي ليس من باب التجاهل او "النكران" لأهميته او عدم رغبته بإنجاز رئاسة العماد ميشال عون بشكل نهائي في صندوقة الاقتراع في المجلس النيابي، بل لأن الحزب وقيادته مطمئنان على عكس الـ26 شهراً الماضية. فكل ما يجري يراه يصب في مصلحته ومصلحة المشروع الذي يقوده ويشارك فيه في لبنان وسورية وكل المنطقة. الصمت الذي تلتزم به قيادة الحزب تكسره بعض الاجابات عن مصير ترشيح النائب سليمان فرنجية. فيكرر مسؤولو الحزب انهم لم يضغطوا على فرنجية منذ اللحظة الاولى لسفره الى باريس ولقائه الرئيس سعد الحريري. كما لم يضغطوا عليه بعدما اعلن الدكتور سمير جعجع ترشيح عون وتلميح النائب وليد جنبلاط الى انه، لا يمانع في السير بترشيح عون، اذا صارت الامور في اتجاه انجاز الاستحقاق الرئاسي.

واذ تنفي قيادة الحزب علمها بلقاء جرى في الاسبوعين الماضيين بين فرنجية وأحد قياداته، تؤكد ان لا حاجة الى لقاءات خاصة وعلى مستوى عال مع فرنجية. فالتواصل دائم مع فرنجية الحليف الثابت والراسخ والذي لم يغير تمسكه بالترشيح من مستوى علاقته الثابتة بالحزب والمقاومة والثوابت في تحالف 8 آذار. في المقابل تتردد معلومات في الكواليس الضيقة لـ8 آذار ان التسوية التي سار فيها حزب الله وتبنيه لترشيح العماد عون بدأت تسلك مسارها الصحيح في حين تعثرت الصفقة التي سار فيها الرئيس نبيه بري والنائب جنبلاط والرئيس الحريري لترشيح فرنجية. فالصفقة "الافرنجية" لم تتخط حدود بعض السفارات ولفّت ودارت بين مقر وآخر، من دون ان تلق قبولاً او تأييداً من عون وحزب الله. ما جعلها تفقد بريقها وامكانية انجازها وخصوصاً، بعدما اطلق جعجع آخر رصاصة على رأسها بتبنيه ترشيح عون، وملاقاة جنبلاط لهذا الطرح بايجابية وعدم ممانعة بري انتخاب عون اذا رأى ان مصلحة الحلف الداخلي تقتضي ذلك.

وتعتبر مصادر سياسية بارزة ان حركة فرنجية الاخيرة بين بكركي وامس في عين التينة، تأتي بعد اللقاء الشهير بين وزير خارجية فرنسا وفرنجية اخيراً في قصر الصنوبر، والاجواء التي تسربت بعد اللقاء، فالفرنسيون كما فرنجية وبري وجنبلاط وعون يعرفون كما يعرف حزب الله والاميركيون ان هناك تبدلاً طرأ على المشهد الدولي والاقليمي. فالامور تسير لمصلحة روسيا وايران وحزب الله والرئيس بشار الاسد. اذ "بارك" الرئيس الاميركي باراك اوباما الجهود التي يقودها بعض مسؤوليه لتحقيق انجاز سياسي كبير على مستوى القضاء على داعش وتقييد حركته وخصوصاً في العراق وسورية. حيث يحقق الجيشان العراقي والسوري انجازات كبيرة في الموصل وحلب بعد الفلوجة وريف اللاذقية، علماً ان اوباما يكرر اللازمة الاميركية عن مصير الرئيس الاسد وعدم القبول باستمراره على رأس سورية. وهو أمر بات اوباما يعرف انه ليس بيده ولا يمكن لاي طرف ان يقرره وحده. ويريد اوباما ان يهدي هذا الانجاز الى المرشحة الديمقراطية للرئاسة الاميركية هيلاري كلينتون.

وعلى وقع الانجازات المدوية لتحالف حزب الله سورية وايران وروسيا، وعلى ابواب التحضير لاعلان الاستدارة التركية الكاملة في اتجاه روسيا وايران بعد التثبت من وقوف السعودية وبعض الجهات الغربية مع الانقلاب ووراءه كما تفيد المصادر، يشعر فرنجية ان توقيت الانسحاب من السباق الرئاسي مع عون بات ملحاً واليوم قبل الغد فكلما تأخر الوقت كلما خسر فرنجية اكثر. ولكن فرنجية الذي كسر الجرة مع عون الذي يكمل ما تبقى من كليومترات في اتجاه بعبدا لن يتركه ومن معه من العونيين هانئاً ومطمئناً في زغرتا وقضائها حيث فاز فرنجية بمقعده النيابي باصوات العونيين الـ1500 على منافسه ميشال معوض في العام 2009. وطبيعي ان لا يتكرر هذا الامر بعد وصول عون الى الرئاسة لان العونيين سينتقمون من فرنجية ومعهم القوات اللبنانية الخصمة بالدم مع فرنجية، والتشفي والكيدية اصبحا سمة الممارسات العونية من السياسة الى الانماء الى كل ممارسة حزبية او مناطقية او بلدية .

وعليه لن ينسحب فرنجية من دون لقاء الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي بات قريباً رغم تحفظ قيادة الحزب على موعده لاسباب كثيرة وسيخرج فرنجية من هذ اللقاء بثمن انسحابه وبضمانات، ان لا يهمش او يخسر حضوره السياسي والانتخابي والانمائي في مناطق التماس مع القوات والتيار البرتقالي الذي يقوده اليوم الوزير جبران باسيل صاحب المعارك والجولات السياسية واليومية التي لا تنتهي على كل شيء وفي كل شيء.