ما يحصل داخل اللجان النيابية المشتركة المكلفة مناقشة إقتراحات قوانين الإنتخاب أشبه بمسرحية من الضروري أن تنتهي فصولها في أسرع وقت ممكن، لوضع حدّ لعملية التكاذب التي يمارسها ممثلو الشعب بحق الرأي العام اللبناني.

تارةً لا تنعقد جلسة اللجان المشتركة لأن نصابها القانوني يتطلب حضور 22 نائباً من أعضائها، بينما لم يدخل القاعة إلا 21 نائباً فقط، وتارةً أخرى يعلن نائب تيار المستقبل ​عمار حوري​ عند الساعة الحادية عشرة أي بعد نصف ساعة من موعد الجلسة، عدم إكتمال النصاب، قبل أن تعود الجلسة وتنعقد بنصاب قانوني بعد خمسة وأربعين دقيقة من موعدها أي عند الساعة الحادية عشرة والربع، بينما الفترة التي يجب إنتظارها لإكتمال النصاب لا يجب أن تزيد عن الثلاثين دقيقة.

يدخل النواب الى قاعة الهيئة العامة على أساس أن النقاش سينحصر بين إقتراح رئيس المجلس النيابي نبيه بري المقدم من النائب ​علي بزي​ والقائم على إنتخاب 64 نائباً على أساس أكثري و64 على أساس نسبي، وإقتراح تيار المستقبل، ​القوات اللبنانية​ والحزب التقدمي الإشتراكي الذي يختلط فيه الإقتراع بين النظامين الأكثري (68 نائباً) والنسبي (60 نائباً). وما إن يخرجوا بعد حوالي أكثر من ساعتين من النقاش، يكون الإعلاميون أمام سيناريو من إثنين:

إما أن يتحدث رئيس الجلسة أي نائب رئيس مجلس النواب ​فريد مكاري​، ببيان مقتضب أبرز مقرراته وإنجازاته أن نقطة الإلتقاء الوحيدة بين الأفرقاء هي على القانون المختلط، وإما في السيناريو الثاني أن يحرد مكاري من المناكفات والنقاش العقيم، فيغادر الجلسة قبل إنتهائها، تاركاً مهمة قراءة البيان-"الإنجاز" الى رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم. وعندما يتلو الأخير المقررات، لا يمكن أن تسمع أي جديد مقارنة مع بيان الإجتماع الذي سبق، ولا يمكن أن تفهم إلا عبارة القانون المختلط.

أما الجديد في جلسة الأربعاء الفائت، فتمثل في عدم تهافت النواب من كافة الكتل النيابية الى غرفة الصحافة، للإدلاء بما لديهم من إتهامات جديدة يريدون توجيهها الى خصومهم، إتهامات تستدعي عادةً ردوداً نارية وردوداً مضادة من على المنبر عينه. المفاجأة الصاعقة التي يمكن أن تسمعها من نائب يحضر أكثرية جلسات اللجان النيابية المخصصة لقانون الإنتخاب كونه المكلف الوحيد من قبل كتلته لمتابعة هذا الملف، تأتي رداً على سؤال "سعادة النائب لماذا تلتزمون الصمت اليوم ولا تريدون التصريح على عكس الجلسات السابقة؟"

مفاجأة يتمتمها النائب المذكور بصوت خافت "في الحقيقة ندخل في كل مرة الى قاعة الهئية العامة، نناقش إقتراحات القوانين المختلطة من دون إحراز التقدم المطلوب بسبب تمسك كل فريق بملاحظاته وثوابته، ثم نخرج لنسمع من كل فريق ما يفضله من قوانين إنتخابية وليس ما تمت مناقشته داخل الجلسة، يعني على سبيل المثال لا الحصر، يضع نواب الحزب القومي السوري ملاحظاتهم على القوانين المختلطة، ثم يخرج النائب مروان فارس ليقول بعد الجلسة، نحن نتمسك بالنسبية كنظام إنتخابي يؤمن صحّة التمثيل، لذلك تقرر في الإجتماع الأخير، أن نلتزم الصمت، وأن نكتفي بييان المقررات الذي سيركز على نقطة الإلتقاء الوحيدة ألا وهي القانون المختلط، وبذلك نوهم الرأي العام بأننا أحرزنا تقدماً ما".

نعم يكذبون على الشعب بأنهم يناقشون قوانين الإنتخاب، والأقبح من هذا الذنب أنهم لا يخجلون بقول الحقيقة كما هي، ولو بصوت خافت.