يلقي رئيس مجلس الوزراء ​تمام سلام​ في الثامن عشر من شهر أيلول المقبل كلمة لبنان في الامم المتحدة، بصفته رئيسا للحكومة، والقائم بمهام رئيس الجمهورية، بانتظار ان تستجاب دعواته المتكررة في كل جلسة حكوميّة أن يتم انتخاب رئيس للبلاد.

لم يعد يتذكّر اللبنانيون كم عدد السفرات التي قام بها سلام خارج لبنان منذ تولّيه رئاسة الوزراء لحضور مؤتمرات وقمم، بحثا عن دعم مالي وحل لمشكلة النازحين السوريين في لبنان، لكن النتائج الملموسة لنشاطه الدولي بقيت دون الصفر، حيث لم ينجح في توفير المال، كما أنّه لم يستطع إقناع الدول ومنظمة ​الأمم المتحدة​، بحجم الكارثة التي حلّت جرّاء النزوح السوري.

في غضون ذلك بدأت التحضيرات لرحلة سلام الى نيويورك، حيث تم تشكيل الوفد الإعلامي بطريقة لا تعتمد أفضل وسيلة لإيصال كلمة لبنان الى حيث يجب ان تصل، وتؤدي الدور المطلوب لشرح الموقف في أروقة المؤتمرات الدولية.

لكن قبل كلمة رئيس الحكومة في المنظمة الدولية في شهر أيلول، ينعقد في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤتمر يتمثل فيه لبنان بسلام، ويحضره عدد من رؤساء الدول، لمناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة ​بان كي مون​ بعنوان "بأمان وكرامة: التعامل مع التحرّكات الكبيرة للاجئين والنازحين"، بما فيه الفقرة 86 عن "منح الدول المستقبلة للاجئين والنازحين وضعًا قانونيًّا وأن تدرس متى وأين وكيف تتيح لهم الفرصة ليصبحوا مواطنين بالتجنيس".

وابرز ما يرد في أوراق العمل المطروحة للنقاش، دعوة الى تجنيس النازحين حيث هم في الدول التي تأمّنت فيها شروط الاندماج والانخراط السوسيولوجي والاقتصادي.

وتسعى الدبلوماسية اللبنانية الى اضافة عبارة "باستثناء لبنان". وقد وضع رعاة مؤتمر النازحين شروطا مُلزِمة للدول المشاركة من خلال أوراق التزامات او ما يعرف Compact papers، وهي التزامات متبادلة بين المجتمع الدولي والدول المضيفة للنازحين.

ووصفت مصادر وزارية ونيابية ان أخطر ما تواجهه الدولة اللبنانية هو ما سيقرّره هذا المؤتمر حول اوضاع النازحين، وهو بمثابة ان لم يكن اكبر من أزمة الانتخابات الرئاسية، والأزمات السياسيّة التي يتعرض لها لبنان.

وشدّدت المصادر ان تأمين نجاح مسعى الدبلوماسية اللبنانية لاستثناء لبنان من قرار توطين النازحين يتطلب عدة امور:

1-على رئيس الحكومة وقبل سفره الى نيويورك ان يدقّ ناقوس الخطر، ويطلب اجتماعا استثائيا لزعماء الكتل والقوى السياسيّة الاساسيّة الممثلة في الحكومة، وغير الممثّلة، إضافة الى زعماء الطوائف يتقرّر فيه موقف واحد موحّد لكل الاطياف السياسية والدينية في لبنان رفضها القاطع تحت أيّ ظرف من الظروف لأيّ فكرة او طرح دولي يلزم لبنان بتوطين النازحين.

2-أن يدعو سلام بعد هذا الاجتماع مجلس الوزراء الى جلسة استثنائية لاتخاذ قرار وبالإجماع يؤكّد فيه ما يقرّره اجتماع رئيس الحكومة بزعماء البلاد، كي يصبح قرارا رسميًّا يحمله معه الى نيويورك يمنع على أيّ طرف من الأطراف سواء كانت محلية أو أجنبية، الجنوح نحو تفسيرات وتبريرات، او خداع كلامي يفرض على لبنان أي نوع من انواع التطبيع او الإقامة الدائمة او المؤقتة للنازحين السوريين في لبنان، وكذلك للاجئين الفلسطينيين.

3-ان يضم الوفد اللبناني الرسمي الى هذا المؤتمر ممثلين عن كل القوى التي سيجتمع بها سلام والتي تتخذ قرار لبنان برفض التوطين، وان لا يكتفي الوفد اللبناني في هذا المؤتمر فقط بتذكير المؤتمرين ان دستور لبنان لا يسمح بتوطين النازحين، لان الجواب سيكون بأن الدساتير ليست كتب مقدسة.

كما تمنت المصادر ألاّ تدخل القوى السياسية اللبنانية في سجال سياسي محلي فيما بينها، على غرار ما حصل عندما أثار وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ ورقة كشف عنها حول توطين النازحين السوريين في أماكن وجودهم وقاطع زيارة الأمين العام للأمم المتّحدة الأخيرة الى بيروت، حيث اكتفت الدولة اللبنانية بما صدر عن ممثل الامين العام للأمم المتحدة في لبنان من تبريرات وتوضيحات غير مقنعة، والدليل على ذلك ان الورقة التي أعدّها بان كي مون حول تجنيس وتوطين النازحين ستُناقش وهناك توجّه لاتخاذ قرارات في هذا السياق.

واكدت المصادر نفسها انه في حال لم ينجح لبنان بوضع عبارة "باستثناء لبنان" وبشكل صريح لا يقبل التأويل والتفسير حتى اللغوي على اي قرار اممي يتعلق بتوطين النازحين في الدول المضيفة، فإنّ كارثة ديموغرافية وسياسية كبرى ستحل على بلد لا ينقصه المزيد من الأزمات الكبرى.