في الأول من أيلول المقبل، قد يكون البلدُ في فوضى كهربائية غير مسبوقةٍ ولا مثيل لها. في ذلك التاريخ تكون شركاتَُ تقديم الخدمات قد انتهى عقدها مع مؤسسةِ كهرباء لبنان، وتنقسمُ هذه الشركات إلى فئتين:

فئةٌ لا تريد الإستمرار في التعاقد، وفئةٌ لا تريدها مؤسسة كهرباء لبنان أنْ تستمر في التعاقد معها. فماذا سيحصل في هذه الحال؟

وهل يدفع المواطن ثمنَ الخلاف القائم بين الفريقين؟

وأكثر من ذلك، كيف سيتحسن التيارُ الكهربائي إذا كانت معظم ظروف تحسينه غير متوافرة؟

كيف بدأت القصة؟

وكيف وصلنا إلى هنا؟

العقدُ المبرم بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركات تقديم الخدمات، كان انتهى في آخر آذار الفائت، وهو العقدُُ الذي يتضمن إدارة شبكات التوزيع والصيانة والجباية.

مع انتهاء العقدِ آنذاك، جرى التمديد، ككل شيء في البلد، حتى آخر آب، أي بعد أسبوع تماماً.

العقدُُ كان بدأ في نيسان 2012، ومدته أربع سنوات، وهنا يقول متابعون إنَّ التمديد حتى آب 2016 لم يكن تمديداً بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل هو الوقت الضائع بسببِ إضراب موظفي الكهرباء والذي امتد من نيسان 2012 حتى آب 2012، إذاً تكونُ المهلة الإضافية تعويضاً عن شهور الإضراب.

وعليه، فإن أواخر هذا الشهر، إما أنْ يشهد تجديد العقود مع شركات مقدمي الخدمات، أو الإستغناء عن خدماتها من خلالِ تسليم المهام إلى موظفي المؤسسة وإلى المياومين. فهل يُطوى المشروع الإصلاحي للكهرباء، والذي كان بدأ عام 2010؟

في ذلك التاريخ أقرَّت حكومة الرئيس سعد الحريري خطةَ عملٍ لإصلاح قطاع الكهرباء، وفي هذه الخطةِ بند يتعلق بالإستعانة بشركات تقديم الخدمات، التي يفترض أنْ تكون متخصصة وأنْ يكون عملها أفضل من عملِ العمال والموظفين المرتبطين مباشرة بالمؤسسة، وهذا من شأنهِ أن ْيحسِّن التيار الكهربائي وأنْ يحقق وفراً لخزينة الدولة.

وبحسب الخطةِ، منذ ذلك التاريخ، جرى تقسيم المناطق وفق الآتي:

منطقةُ شمال بيروت الإدارية.

منطقةُ بيروت الإدارية والبقاع.

منطقة جنوب بيروت الإدارية.

فمع إمكان تطيير الشركات، هل نعودُ إلى متعهدي غب الطلب لتركيبِ العدادات، وإلى المياومين للصيانةِ وإلى جباة الإكراء للجباية؟

بمعنى آخر، هل نعودُ إلى ما قبل مرحلة إصلاح واقع التيار؟

وفي الأساس، لو كانت الآلية المعتمدة فعالة لَما كان التفكير بعمليةٍ إصلاحيةٍ قبل ستة أعوام.

حين وُقِّع العقد بين شركات مقدمي الخدمات ومؤسسة كهرباء لبنان، كان الهدفُ منه تحقيق عددٍ من الخطوات أبرزها:

محاولة الإقتراب من نسبة الهدر عالمياً والتي تُقدَّر ب11 في المئة، علماً أنها في لبنان تصل إلى 40 في المئة. لكن هذه المحاولة لم تنجح كثيراً، لأنَّ سرقةَ التيار ما زالت قائمة على قدم وساق، ولأنَّ العدادات الذكية التي يتم التحكم بها عن بُعد، لم يتم تركيبها بعد.

العمل على وجود أكثر من سعر، نهاري ومسائي، كما هو معمول به في الدول المتقدِّمة.

هذا غيضٌ من فيضِ الوعود، لكنه لم يتحقق لأنَّ كل طرف يُلقي الملامة على الطرف الآخر.

اليوم، الوضع أمام المشهد الآنف الذكر، والحكومةُ في تخبط، ووزارة الطاقة في غيبوبة، وحدِّث ولا حرج عن معالي الوزير المولَّج بالصمت منذ توليه مهمة إيصالنا إلى الظلام والظُلمة، فهل يتلقَّف أصحابُ المولِّدات الكُرة فيواصلون التحكُّم بجيوب الناس من دون أي عقدٍ أو إتفاقٍ؟

وهل تحوَّلت وزارة الطاقة إلى قسم المحاسبة بين أصحاب المولِّدات والمواطنين، بحيث يقتصرُ دورها على إصدار التسعيرة الشهرية للمولِّدات؟