تعرّض الإمام موسى الصدر طيلة فترة عمله على الساحة اللبنانية لشتى أنواع الاتهامات وحملات الكراهية، بدءاً من أصله وجذوره فحقيقة ولائه وانتمائه إلى طبيعة دوره ووظيفته. ولم تكن حملات التحريض على مستوى واحد. فعمله في الشأن الثقافي وبثه لأطروحات تنويرية في الفكر عرّضه لسخط مجموعة كبيرة من المثقفين. وعمله في الشأن الديني وسعيه لقراءة بعض النصوص الدينية خارج ما هو سائد فتح عليه حملات نقد واسعة من قبل علماء دين تقليديين. وعمله في الشأن السياسي وحركته لتغيير الوضع الطائفي والتوجه نحو بناء دولة مواطنة لكل اللبنانيين، وتقديمه مشروعات إصلاح حقيقية، جعل الكثير من الزعماء والسياسيين يناصبونه العداء.

لم تكن حال الإمام في كل محاولاته للتغيير وتحقيق ما يصبو إليه الإنسان خصوصاً في لبنان من قيم وأوضاع، سهلة على الإطلاق.

كان يسير بين الألغام وعلى حافة قناة معرضة للانهيار. ولبنان الذي كان في الظاهر يعد من أفضل البلدان العربية لم يكن في الواقع إلا مكاناً ممتلئاً بالتناقضات والخلافات والقيم السلبية المشوّهة، وهو بحاجة ماسَّة إلى عملية جراحية تستنقذه من الفوضى التي تعم داخله.

أجمل ما في الإمام أنه لا يتوقف عن العمل، لا ييأس، لا ينكسر، ولا يتخلى عن مسؤولياته، مهما كانت الظروف صعبة وقاسية.

إحدى الاتهامات التي وُجّهت إليه أنّه عميل إيراني والثانية أنّه يريد أن يأخذ الطائفة الشيعية إلى سيبيريا والثالثة أنّه قائد للشيعة أي قائد طائفي.

هذه الاتهامات هي تماماً نفسها التي يتعرّض لها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم مع تغير في الزمان والظروف.

فالسيد يُتّهم أنّه من خلال تبنّيه لأطروحة ولاية الفقيه وقبوله الدعم المالي والعسكري من الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهو إذاً عميل إيراني، وينفذ سياسات إيران ويعمل لمصالحها وليس لمصلحة لبنان. وكأن كلّ مَن يستعين بصديق لتحرير أرضه وتقوية بلده يوضع في خانة العملاء. وهذا منطق لو طُبِّق على الشعوب كلها التي استعانت بأصدقاء لتحرير بلدانها لخرجت كلها عميلة لغيرها!

ثم يُتّهم السيد بأنّه ومن خلال إرساله رجال المقاومة إلى سورية بأنّه يأخذ الطائفة الشيعية إلى الدمار. وعلى العكس من هذا الاتهام الباطل فإنّ وجود المقاومين في سورية هو الذي حمى الطائفة وكل طوائف لبنان وكل اللبنانيين من تغوُّل الأعداء وتوحشهم. وهذه حقيقة علمية سياسية تاريخية يقر بها كلّ منصف.

ثم يُتَّهم السيد بأنّه ما يقوم به إنما يقود من خلاله الشيعة لتحقيق غلبة طائفة على طائفة. وهذا يُناقض تماماً كل مواقف وسلوك الأمين العام الذي أهدى نصر عام 2000 وعام 2006 إلى كل اللبنانيين وجعلهم شركاء في تحقيق هذا الإنجاز الذي يجب أن يفتح الأفق أمام انتصارات أخرى على مستوى الأمة كلها.

على مشارف الذكرى السنوية لتغييب الإمام الصدر هل يدري كل هؤلاء المغرضين أنّ ما فعلوه بالإمام الصدر يفعلونه بحق سماحة الأخ السيد حسن نصرالله؟

وهذه الحملات والاتهامات السابقة والحالية نتيجتها تمزيق وحدة اللبنانيين وتفريط بقوة مقاومتهم وجيشهم. الإمام الصدر الذي عمل لإخراج لبنان من المعوقات الداخلية والتأثيرات الخارجية متجسّد فكراً وقولاً وسلوكاً في شخصية السيد حسن نصرالله، ومن يُرد لبنان هذا الذي كان يدعو له الإمام ما عليه إلا أن يكون حيث يكون نصرالله.